رواية الصالحي الدمشقي
* «وقال سهل بن سعد: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلا يفتح اللّه على يديه، يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله. فلما أصبح الناس غدوا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كلّهم يرجو أن يعطاها. قال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: هو يشتكي عينيه. قال: فأرسلوا إليه. فأتي به فبصق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في عينيه فبرأ حتّى كأن لم يكن به وجع. الحديث رواه الشيخان»(1).
* «وروى الشيخان عن سهل بن سعد، والبخاري وابن أبي أسامة، وأبو نعيم عن سلمة بن الأكوع، وأبو نعيم والبيهقي عن عبداللّه بن بريدة عن أبيه. وأبو نعيم عن ابن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وأبي سعيد الخدري، وعمران بن حصين، وجابر بن عبداللّه، وأبو ليلى، ومسلم، والبيهقي عن أبي هريرة، والإمام أحمد وأبو يعلى والبيهقي عن علي رضي اللّه تعالى عنه. قال بريدة: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله تأخذه الشقيقة فيمكث اليوم واليومين لا يخرج، فلما نزل خيبر أخذته الشقيقة فلم يخرج إلى الناس، فأرسل أبا بكر فأخذ راية رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، ثم نهض فقاتل قتالاً شديداً، ثم رجع، ولم يكن فتح وقد جهد، ثم أرسل عمر فأخذ راية رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فقاتل قتالاً شديداً هو أشد من القتال الأول، ثم رجع، ولم يكن فتح. وفي حديث عن علي عند البيهقي: أن الغلبة كانت لليهود في اليومين انتهى. فأخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بذلك فقال: لأعطينّ الراية غداً رجلا يفتح اللّه عليه، ليس بفرار، يحب اللّه ورسوله، ويأخذها عنوة وفي لفظ: يفتح اللّه على يديه قال بريدة: فبتنا طيبة أنفسنا أن يفتح غداً، وبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كلّهم يرجو أن يعطاها.
قال أبو هريرة قال عمر: فما أحببت الإمارة قط حتّى كان يومئذ.
قال بريدة: فما منا رجل له من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله منزلة إلا وهو يرجو أن يكون ذلك الرجل، حتّى تطاولت أنا لها ورفعت رأسي لمنزلة كانت لي منه، وليس منة.
وفي حديث سلمة وجابر: وكان علي تخلّف عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لرمد شديد كان به لا يبصر، فلما سار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال: لا، أنا أتخلّف عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله!! فخرج فلحق برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال بريدة: وجاء علي رضي اللّه عنه حتّى أناخ قريباً، وهو رمد، قد عصب عينيه بشق برد قطري، قال بريدة: فلمّا أصبح رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله صلّى الغداة، ثم دعا باللواء، وقام سلمة: فجئت به أقوده.
قالوا كلّهم: فأتي به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: مالك؟ قال: رمدت حتّى لا أبصر ما قدامي. قال: ادن مني».
وفي حديث علي عند الحاكم: فوضع رأسي عند حجره، ثم بزق في ألية يده فدلك بها عيني، قالوا: فبرأ كان لم يكن به وجع قط، فما وجعهما علي حتّى مضى لسبيله، ودعا له وأعطاه الراية، قال سهل فقال علي: يا رسول اللّه أقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ على رسلك حتّى تنزل بساحتهم. ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق اللّه تعالى وحق رسوله، فواللّه لأن يهدي اللّه بك رجلا واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم. وقال أبو هريرة: إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال لعلي: اذهب فقاتلهم حتّى يفتح اللّه عليك ولا تلتفت قال: علام أقاتل الناس؟ قال: قاتلهم حتّى يشهدوا أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً عبده ورسوله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقّها، وحسابهم على اللّه. فخرج بها ـ واللّه ـ يهرول هرولة، حتّى ركزها تحت الحصن فأطلع يهودي من رأس الحصن فقال: من أنت؟ قال علي، فقال اليهودي: غلبتم والذي أنزل التوراة على موسى، فما رجع حتّى فتح اللّه تعالى على يديه.
قال أبو نعيم: فيه دلالة على أن فتح علي لحصنهم مقدم في كتبهم بتوجيه من اللّه وجهه إليهم، ويكون فتح اللّه تعالى على يديه»(2).
«روى الشيخان عن سهل بن سعد أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال يوم فتح خيبر: لأعطينّ هذه الراية غداً رجلا يفتح اللّه على يديه، فلما أصبح قال: أين علي بن أبي طالب؟ قالوا: يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه، فأتي به، فبصق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في عينيه ودعا له فبرأ حتّى كأن لم يكن به وجع.
وروى الشيخان عن سلمة بن الأكوع رضي اللّه عنه قال: كان علي رضي اللّه عنه تخلّف عن النبي صلّى اللّه عليه وآله في خيبر وكان رمداً، فقال: أنا أتخلف عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله!! فخرج فلحق به، فلما كان مساء الليلة التي فتح اللّه في صباحها، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: لأعطينّ الراية غداً رجلا يحبه اللّه ورسوله، يفتح اللّه عليه، فإذا نحن بعلي وما نرجوه، فقالوا: هذا علي، فأعطاه الراية، ففتح اللّه عليه».
«ورواه مسلم من وجه آخر عن سلمة وذكر قوله: فبصق في عينيه فبرأ. ورواه الحارث وأبو نعيم من وجه آخر عن سلمة وزاد فأخذ الراية، فخرج بها حتّى ركزها تحت الحصن، فأطلع إليه يهودي من رأس الحصن فقال: من أنت؟ قال: علي، قال: علوتم وما أنزل على موسى، فما رجع حتّى فتح اللّه على يديه. وروى البيهقي وأبو نعيم عن بريدة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال في خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلا يحب اللّه ورسوله يأخذها عنوة، وليس ثم علي فتطاولت لها قريش، وجاء علي على بعير له وهو أرمد، قال: ادن مني، فتفل في عينيه فما وجعها حتّى مضى لسبيله ثم أعطاه الراية»(3).
(1) سبل الهدى والرشاد 2 / 32.
(2) سبل الهدى والرشاد 5 / 124 ـ 125.
(3) سبل الهدى والرشاد 10 / 62.