رواية الحلبي
* «وفي رواية: أنه صلّى اللّه عليه وآله كان يعطي الراية كلّ يوم واحداً من أصحابه ويبعثه فبعث أبا بكر فقاتل ورجع ولم يكن فتح وقد جهد. ثم بعث عمر بن الخطاب من الغد أي برايته فقاتل ورجع ولم يكن فتح وقد جهد، ثم بعث رجلا من الأنصار فقاتل ورجع ولم يكن فتح. فقال عليه الصلاة والسلام: لأعطينّ الراية أي اللواء غداً رجلا يحب اللّه ورسوله يفتح اللّه على يديه ليس بفار وفي لفظ كرار غير فرار، فدعا علياً كرّم اللّه وجهه وهو أرمد فتفل في عينيه ثم قال: خذ هذه الراية فامض بها حتّى يفتح اللّه عليك، أي ودعا له ولمن معه بالنصر».
* «وفي رواية أنه صلّى اللّه عليه وآله ألبسه درعه الحديد وشد ذا الفقار أي الذي هو سيفه في وسطه وأعطاه الراية ووجهه إلى الحصن، فخرج علي كرّم اللّه وجهه بها يهرول حتّى ركزها تحت الحصن، فأطلع عليه يهودي من رأس الحصن فقال: من أنت؟ قال: علي بن أبي طالب فقال اليهودي: علوتم وحق ما أنزل على موسى، ثم خرج إليه أهل الحصن وكان أوّل من خرج منهم إليه الحارث أخو مرحب وكان معروفاً بالشجاعة، فانكشف المسلمون وثبت علي كرّم اللّه وجهه، فتضاربا فقتله علي، وانهزم اليهود إلى الحصن، ثم خرج إليه مرحب فحمل عليه وضربه فطرح ترسه من يده، فتناول علي كرّم اللّه وجهه باباً كان عند الحصن فتترس به عن نفسه، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتّى فتح اللّه عليه الحصن، ثم ألقاه من يده أي وراء ظهره ثمانين شبراً. قال الراوي: فجهدت أنا وسبعة نفر على أن نقلب ذلك الياب فلم نقدر. قال بعضهم: في هذا الخبر جهالة وانقطاع ظاهر، قال وقيل: ولم يقدر على حمله أربعون رجلا وقيل سبعون».
* «وفي رواية: إن علياً كرم اللّه وجهه لما انتهى إلى باب الحصن اجتذب أحد أبوابه فألقاه بالأرض فاجتمع عليه بعده سبعون رجلا فكان جهداً أن أعادوه مكانه. وقيل حمل الباب على ظهره حتّى صعد المسلمون عليه ودخلوا الحصن. قال بعضهم: وطرق حديث الباب كلّها واهية وفي بعضها، قال الذهبي: إنه منكر. وفي الإمتاع: وزعم بعضهم أن حمل علي كرم اللّه وجهه الباب لا أصل له وإنما يروى عن رعاع الناس وليس كذلك. ثم ذكر جملة ممّن خرجه من الحفاظ»(1).
(1) إنسان العيون = السيرة الحلبية 2 / 736 ـ 737.