رواية ابن حبّان
* «ذكر فتح اللّه جلّ وعلا خيبر على يدي علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه.
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف، حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبدالعزيز بن أبي حازم عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال: لأعطينّ الراية غداً رجلا يفتح اللّه على يديه. قال: فبات الناس ليلتهم أيهم يعطاها، فلما مطرف الناس غدوا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كلّهم يرجو أن يعطاها فقال: أين علي بن أبي طالب؟ قالوا: تشتكي عيناه يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فأرسلوا إليه، فلما جاء بصق في عينيه ودعا له فبرأ حتّى كأن لم يكن به وجع وأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول اللّه…»(1).
* أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر أبي شيبة حدثنا يعلى بن عبيد عن أبي منين يزيد بن جلس عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: لأدفعنّ الراية اليوم إلى رجل يحب اللّه ورسوله فتطاول القوم فقال: أين علي؟ فقالوا: يشتكي عينه فدعاه، فبزق في كفيه ومسح بهما عين علي ثم دفع إليه الراية، ففتح اللّه عليه».
* «أخبرنا أبو يعلى حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي حدثنا حماد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال يوم خيبر: لأدفعنّ اليوم اللواء إلى رجل يحب اللّه ورسوله يفتح اللّه عليه. قال عمر: فما أحببت الإمارة إلا يومئذ، فتطاولت لها. فقال لعلي: قم فدفع اللواء إليه ثم قال له: اذهب ولا تلتفت حتّى يفتح اللّه عليك فمشى هنيهة ثم قام ولم يلتفت للعزمة، فقال: على ما أقاتل الناس؟ قال النبي صلّى اللّه عليه وآله: قاتلهم حتّى يشهدوا أن لا إله إلا اللّه، فإذا قالوها فقد عصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقّها وحسابهم على اللّه».
* «أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال: خرجنا إلى خيبر وكان عمي عامر يرتجز بالقوم وهو يقول:
واللّه لو لا اللّه ما اهتدينا *** ولا تصدّقنا ولا صلّينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا *** فثبّت الأقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينة علينا
فقال النبي صلّى اللّه عليه وآله: من هذا؟ قالوا: عامر، قال: غفر لك ربك يا عامر. وما استغفر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لرجل خصّه إلا استشهد. قال عمر: يا رسول اللّه لو متعتنا بعامر. فلما قدمنا خيبر خرج مرحب يخطر بسيفه وهو ملكهم وهو يقول:
قد علمت خيبر أني مرحب *** شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهّب
فنزل عامر فقال:
قد علمت خيبر أني عامر *** شاكي السلاح بطل مغامر
فاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في عامر فذهب ليسفل له فرجع سيفه على نفسه فقطع أكحله، فكانت منها نفسه، وإذا نفر من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يقولون بطل عمل عامر قتل نفسه، فأتيت النبي صلّى اللّه عليه وآله وأنا أبكي فقلت: يا رسول اللّه بطل عمل عامر، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: من قال هذا؟ قال قلت: ناس من أصحابك، فقال صلّى اللّه عليه وآله: بل له أجره مرّتين.
ثم أرسلني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إلى علي بن أبي طالب فأتيته وهو أرمد فقال: لأعطينّ الراية اليوم رجلا يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله، فجئت به أقوده وهو أرمد حتّى أتيت به النبي صلّى اللّه عليه وآله، فبصق في عينه فبرأ وأعطاه الراية وخرج مرحب فقال:
قد علمت خيبر أني مرحب *** شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهّب
فقال علي بن أبي طالب:
أنا الذي سمتني أمي حيدره *** كليث غابات كريه المنظره
اُوفيهم بالصاع كيل السندره
قال: فضربه ففلق رأس مرحب فقتله، وكان الفتح على يدي علي بن أبي طالب.
قال أبو حاتم: هكذا أخبرنا أبو خليفة في فرس عامر وإنما هو في ترس عامر».
«أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبداللّه بن نمير، عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم قال: سمعت الحسن بن علي قام فخطب الناس فقال: يا أيها الناس لقد فارقكم أمس رجل ما سبقه الأوّلون ولا يدركه الآخرون، لقد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يبعثه المبعث فيعطيه الراية فما يرجع حتى يفتح اللّه عليه، جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله، ما ترك بيضاء ولا صفراء إلا سبع مائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادماً»(2).
* «استخلاف علي بن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنه بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف بن قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أبو الحسن الهاشمي.
وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبدمناف وهاشم أخو هشام ومن زعم أنه أسد بن هاشم بن عبد مناف فقد وهم.
أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي، ثنا قتيبة بن سعيد ثنا حاتم بن إسماعيل عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال: كان علي قد تخلف عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في خيبر وكان به رمد فقال: أنا أتخلف عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله! فخرج فلحق بالنبي صلّى اللّه عليه وآله، فلما كان مساء الليلة التي فتحها اللّه في صباحها، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: لأعطينّ الراية أو ليأخذن الراية غداً رجل يحبه اللّه ورسوله يفتح اللّه عليه، فإذا نحن بعلي وما نرجوه، فقالوا هذا علي، فأعطاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ففتح اللّه عليه»(3).
(1) صحيح ابن حبّان 15 / 377.
(2) صحيح ابن حبّان 15 / 379 ـ 384.
(3) كتاب الثقات 2 / 266 ـ 267.