كلامه في الفصل الأوّل: الروايات من كتب السنّة
وقبل الورود في البحث نشير إلى أنّ عنوان الفصل الأوّل من كتابه ـ وهو «الروايات من كتب السنّة» ـ يوهم أن ليس لحديث الثقلين ذكر إلاّ في الكتب التي ذكرها، وهذا مخالف للواقع كما نبهّنا عليه من قبل. فإن أراد من كلمة «من» في العنوان أنّ ما ذكر بعض روايات كتب السنّة لا كلّها، فقد اعترف بالحقيقة، وأنّه لم يتتّبع روايات هذا الحديث في كتب السنّة…!!
ثم إنّه ذكر:
«أوّلا ـ الموطأ، لا نجد في موطأ الإمام مالك ذكراً للثقلين… .
ثانياً: ذكر الكتاب والسنّة في غير الموطّأ…».
لكنه يعلم جيّداً: أنّ الكلام ليس في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بالكتاب والسنّة… ولذا يقول ـ بعد ذكر ما أراد ذكره ـ «ولسنا في حاجة إلى أن نطيل الوقوف هنا، فلا خلاف بين المسلمين في وجوب التمسّك والإعتصام بالقرآن الكريم والسنّة النبويّة المطهّرة».
فما الغرض من ذكر هذه الأحاديث مع هذا الإعتراف؟
إنّ وجوب التمسّك والإعتصام بالقرآن والسنّة لا خلاف فيه بين المسلمين، كما لا خلاف بينهم في أنّ ما دلَّ على هذا المعنى لا يعارض ما يدلّ على وجوب التمسّك والاعتصام بالقرآن والعترة، بل إنّ كلاًّ منهما مفسّر للآخر ومؤيّد له… فالنبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يأمر بالتمسّك بالقرآن والسنّة، لكن لا بالسنّة التي يأتي بها أبو هريرة وأمثاله من الكذّابين عليه في حياته وبعد وفاته صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، بل بالسنّة التي ينقلها العترة الطّاهرة وأتباعهم، الذين لا خلاف بين المسلمين في وجوب قبول ما رووه عنه… .
لكنّا نعترض على «الدكتور» بأنّ الأحاديث التي أوردها لا أساس لها من الصحّة، فحديث (الموطأ) لا سند له، وكذا ما جاء في (سيرة ابن هشام)، وما نقله عن (فيض القدير) عن أبي هريرة ضعيف جدّاً، وهو عن (مستدرك الحاكم) الذي سيطعن «الدكتور» فيه وفي مولّفه نقلا عن (لسان الميزان)!! ولعلّه لذا نسب الحديث هنا إلى (فيض القدير) دون (المستدرك)!!
هذا، وقد تكلَّمنا على كلّ هذا في أحد الفصول الماضية تحت عنوان (حديث الثقلين والمحاولات السقيمة).
Menu