* «أُذكّركم اللّه في أهل بيتي»:
ولمّا كان القرآن كلام اللّه، وكان أصحاب الكساء معصومين مطهّرين بنصّ الكتاب ـ وهم المراد من «عترتي أهل بيتي» ـ كان من الواجب الأخذ بهما واتّباعهما، والايتمار بأوامرهما والانتهاء بنواهيهما، والتمسّك بهما في جميع الأمور الدينية والدنيويّة… ولهذا جاء لفظ «الأخذ» والأمر به في رواية غير واحد:
كالترمذي في صحيحه.
وابن أبي شيبة في مصنفه.
وأحمد في مسنده.
وابن سعد في طبقاته.
والطبراني في معجمه الكبير.
وقد تقدمت رواياتهم… .
قال القاري: «والمراد بالأخذ بهم التمسّك بمحبّتهم، ومحافظة حرمتهم، والعمل بروايتهم، والاعتماد على مقالتهم»(1).
وقال شهاب الدين الخفاجي: «أي تمسّكتم وعملتم واتبعّتموه»(2).
فإذن: «الأخذ» هو «الاتّباع».
* وقد جاء الحديث بلفظ «الاتّباع» عند غير واحد:
كالحاكم في مستدركه. وقد تقدّم لفظه.
وكابن حجر المكي في صواعقه، في معنى قوله تعالى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ).
* وكما حثّ على اتّباع كتاب اللّه عزّوجل ورغّب في التمسك به، كذلك حثَّ على اتّباع العترة أصحاب الكساء والتمسّك بهم، فقال ثلاثاً: «أذكّركم اللّه في أهل بيتي» قال الزرقاني المالكي بشرح هذه الجملة:
«قال الحكيم الترمذي: حضٌّ على التمسّك بهم، لأنّ الأمر لهم معاينة، فهم أبعد عن المحنة»(3).
وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي: «لقد كرّر هذه الكلمة للمبالغة والتوكيد، وهي إشارة إلى وجوب أخذ السنّة منهم، كما أنّ الأولى إشارة إلى الأخذ بما في الكتاب. فعلى جميع الذين آمنوا أن يكونوا مطيعين لأهل بيت النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم»(4).
(1) المرقاة في شرح المشكاة 5 / 600.
(2) نسيم الرياض ـ شرح شفاء القاضي عياض 3 / 410.
(3) شرح المواهب اللدنية 7 / 5.
(4) أشعة اللمعات في شرح المشكاة 4 / 677.