حديث حذيفة
رواه أحمد بن حنبل، قال:
«حدّثنا سفيان بن عيينة، عن زائدة، عن عبدالملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر»(1).
وقال أيضاً:
«حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عبدالملك بن عمير، عن مولى لربعي عن ربعي، عن حذيفة قال: كنا عند النبي صلّى الله عليه وسلّم جلوساً فقال: إنّي لا أدري ما قدر بقائى فيكم، فاقتدوا باللذَين من بعدي ـ وأشار إلى أبي بكر وعمر ـ وتمسكوا بعهد عمار وما حدّثكم ابن مسعود فصدّقوه»(2).
ورواه الترمذي حيث قال:
«حدّثنا الحسن بن الصباح البزّار، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن زائدة عن عبدالملك بن عمير، عن ربعي هو ابن حراش عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم: اقتدوا باللذَين من بعدي أبي بكر وعمر.
وفي الباب عن ابن مسعود.
قال أبو عيسى: «هذا حديث حسن».
وروى سفيان الثوري هذا الحديث عن عبدالملك بن عمير عن مولى لربعي، عن ربعيّ، عن حذيفة، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم».
«حدّثنا أحمد بن منيع وغير واحد، قالوا: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عبدالملك بن عمير، نحوه».
«وكان سفيان بن عيينة يدلّس في هذا الحديث، فربَّما ذكره عن زائدة عن عبدالملك بن عمير، وربّما لم يذكر فيه عن زائدة».
«قال أبو عيسى: هذا حديث حسن وفيه عن ابن مسعود. وروى هذا الحديث إبراهيم بن سعد، عن سفيان الثوري، عن عبدالملك بن عمير، عن هلال مولى ربعي، عن ربعي، عن حذيفة، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم»(3).
وقال:
«حدّثنا محمود بن غيلان، حدّثنا وكيع، حدّثنا سفيان، عن عبدالملك بن عمير، عن مولىً لربعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، قال: كنّا جلوساً…»(4).
ورواه ابن ماجة بسنده:
«عن عبدالملك بن عمير، عن مولىً لربعي بن حراش، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّي لا أدري ما قدر بقائي فيكم…»(5).
ورواه الحاكم بإسناده:
«عن عبدالملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: إقتدوا باللذَين من بعدي: أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار، وتمسّكوا بعهد ابن اُمّ عبد».
وعنه، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة رضي الله عنه، قال: «قال رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار، وإذا حدّثكم ابن اُمّ عبد فصدّقوه».
وعنه:
«عن هلال مولى ربعي بن حراش، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: إقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر».
وبإسناده:
«عن عبدالملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: إقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار، وتمسّكوا بعهد ابن اُمّ عبد».
ثمّ قال الحاكم: «هذا حديثٌ من أجلِّ ما روي في فضائل الشيخين، وقد أقام هذا الإسناد عن الثوري ومسعر: يحيى الحمّاني. وأقامه أيضاً عن مسعر: وكيع وحفص بن عمر الاُبّلي(6) ثم قصر بروايته عن ابن عيينة: الحميدي وغيره، وأقام الإسناد عن ابن عيينة: إسحاق ابن عيسى بن الطبّاع.
فثبت بما ذكرنا صحّة هذا الحديث وإن لم يخرجاه»(7).
نقد السند:
1 ـ هذه أشهر طرق هذا الحديث عن حذيفة بن اليمان، ويرى القارىء الكريم أنّها جميعاً تنتهي إلى:
ـ «عبدالملك بن عمير» وهو رجلٌ مدلِّس، ضعيفٌ جدّاً، كثير الغلط، مضطرب الحديث جدّاً:
قال أحمد: «مضطرب الحديث جدّاً مع قلّة روايته، ما أرى له خمسمائة حديث، وقد غلط في كثير منها»(8).
وقال إسحاق بن منصور: «ضعّفه أحمد جدّاً»(9).
وقال أحمد أيضاً: «ضعيف يغلط»(10).
أقول: فمن العجيب جدّاً رواية أحمد في مسنده حديث الاقتداء وغيره عن هذا الرجل الذي يصفه بالضعف والغلط، وقد جَعَلَ المسند حجّةً بينه وبين الله!!
وقال ابن معين: «مخلط»(11).
وقال أبو حاتم: «ليس بحافظ، تغيّر حفظه»(12).
وقال أيضاً: «لم يوصف بالحفظ»(13).
وقال ابن خراش: «كان شعبة لا يرضاه»(14).
وقال الذهبيّ: «وأمّا ابن الجوزي فذكره، فحكى الجرح وما ذكر التوثيق(15).
وقال ابن حجر العسقلاني: كان مدلّساً(16).
وعبدالملك ـ هذا ـ هو الذي ذَبَح عبدالله بن يقطر أو قيس بن مسهر الصيداوي وهو رسول الحسين عليه السلام إلى أهل الكوفة، فإنّه لمّا رمي بأمر ابن زياد من فوق القصر وبقي به رمق أتاه عبدالملك ابن عمير فذبحه، فلمّا عيب ذلك عليه قال: إنّما أردت أن اُريحه»(17)!
2 ـ ثمّ إنّ (عبدالملك بن عمير) لم يسمع هذا الحديث من (ربعي بن حراش) و (ربعي) لم يسمع من (حذيفة بن اليمان) ذكر ذلك المناوي حيث قال: «قال ابن حجر: اختلف فيه على عبدالملك، وأعلّه أبو حاتم، وقال البزّار كابن حزم: لا يصحّ، لأنَّ عبدالملك لم يسمعه من ربعي، وربعي لم يسمعه من حذيفة. لكن له شاهد»(18).
قلت: الشاهد إن كان حديث ابن مسعود كما هو صريح الحاكم والمناوي فستعرف ما فيه. وإن كان حديث حذيفة بسند آخر عن ربعي فهو ما رواه الترمذي بقوله:
«حدّثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الاُموي، حدثنا وكيع، عن سالم بن العلاء المرادي، عن عمرو بن هرم، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، قال: كنّا جلوساً عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: إنّي لا أدري ما بقائي فيكم، فاقتدوا بالَّلذين من بعدي، وأشار إلى أبي بكر وعمر»(19).
ورواه ابن حزم بقوله:
«وأخذناه أيضاً عن بعض أصحابنا، عن القاضي أبي الوليد بن الفرضي، عن ابن الدَّخيل، عن العقيلي، ثنا محمّد بن إسماعيل، ثنا محمّد بن فضيل، ثنا وكيع، ثنا سالم المرادي، عن عمرو بن هرم، عن ربعي بن حراش وأبي عبدالله ـ رجل من أصحاب حذيفة ـ، عن حذيفة»(20).
(1) مسند أحمد 6/528 حديث حذيفة بن اليمان الرقم 22734.
(2) مسند أحمد 6/533 حديث حذيفة بن اليمان الرقم 22765.
(3) سنن الترمذي 5/374ـ375 كتاب المناقب باب في مناقب أبي بكر وعمر كليهما الرقم 3682.
(4) سنن الترمذي 5/439 كتاب المناقب باب مناقب عمار بن ياسر الرقم 3825.
(5) سنن ابن ماجة 1/117ـ118 باب في فضائل اصحاب رسول الله فضل أبي بكر الصديق الرقم 97.
(6) لقد اقتصرنا في النقد على الكلام حول «عبدالملك بن عمير» الذي عليه مدار هذا الحديث الذي بذل الحاكم جهداً في تصحيحه فكان أكثر حرصاً من الشيخين على رواية ما وصفه بـ «أجلّ ما روي في فضائل الشيخين» وإلاّ فإنّ «حفص بن عمر الأبلي» هذا مثلا أدرجه ابن عديّ في الكامل في الضعفاء وروى عنه حديث الاقتداء ثم قال: «أحاديثه كلّها إمّا منكر المتن، أو منكر الإسناد وهو إلى الضعف أقرب» الكامل 3/288.
و«يحيى الحمّاني» قال الحافظ الهيثمي بعد أن روى الحديث عن الترمذي والطبراني في الأوسط: «وفيه يحيى بن عبدالحميد الحمّاني وهو ضعيف» مجمع الزوائد 9/484ـ485 كتاب المناقب باب فضل عمار بن ياسر وأهل بيته الرقم 15606.
(7) المستدرك 3/79ـ80 كتاب معرفة الصحابة أبو بكر بن أبي قحافة الأرقام 4451ـ4455.
(8) تهذيب التهذيب 6/360 وغيره.
(9) تهذيب التهذيب 6/360 ميزان الاعتدال 4/406.
(10) ميزان الاعتدال 4/406.
(11) ميزان الاعتدال 4/406، تهذيب التهذيب 6/360.
(12) ميزان الاعتدال 4/406.
(13) تهذيب التهذيب 6/360.
(14) ميزان الاعتدال 4/406.
(15) ميزان الاعتدال 4/406.
(16) تقريب التهذيب 1/618.
(17) تلخيص الشافي 3/33ـ35، روضة الواعظين: 1/177ـ178، مقتل الحسين: 186.
(18) فيض القدير 2/72ـ73.
(19) سنن الترمذي 5/375 كتاب المناقب باب في مناقب أبي بكر وعمر كليهما الرقم 3683.
(20) الإحكام في اُصول الأحكام 6/809.