5 ـ محاصرة الكوفة
وقد سيطر على جميع أطراف الكوفة والطرق المؤدّية إليها، فما دخل إليها أو يخرج منها أحدٌ إلاّ ويفتّش ويفحص عن حاله ويُعرف; وكان يزيد قد كتب إليه:
«إنّه قد بلغني أنّ الحسين بن عليّ قد توجّه نحو العراق، فضع المناظر والمسالح، واحترس على الظنّ، وخذ على التهمة»(1).
وسأل الإمام عليه السلام في الطريق بعض الناس عمّا يجري في الكوفة، فأجاب: «لا واللّه ما ندري، غير إنّا لا نستطيع أن نلج ولا نخرج»(2).
وكان على شرطته: سمرة بن جندب(3)، والحصين بن نمير، وقد قال له: «يا حصين بن نمير! ثكلتك أُمّك إنْ ضاع بابُ سكّة من سكك الكوفة وخرج هذا الرجل ـ يعني مسلماً عليه السلام ـ ولم تأتني به، وقد سلّطتك على دور أهل الكوفة»(4).
وقد تقدّم كيف عرف قيسَ بن مسهر الصيداوي لمّا أراد الدخول إلى الكوفة، وقبض عليه، واستشهد رحمه اللّه(5).
وكقضيّة عبداللّه بن يقطر(6) ـ أو: بقطر ـ الذي كان يحمل كتاباً من الإمام عليه السلام، فأخذ مالك بن يربوع التميمي الكتاب منه، فأمر ابن زياد بقتله(7).
(1) تاريخ الطبري 3 / 293.
(2) تاريخ الطبري 3 / 299.
(3) ذكر ذلك ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 4 / 78 ـ 79.
(4) بحار الأنوار 44 / 351.
(5) تقدّم في الصفحات 288 ـ 290.
(6) وُلد مع الإمام عليه السلام في زمن واحد، لذا سمّي: لدة الحسين، ورضيع الحسين; لأنّ أباه كان خادماً لرسول اللّه، وكانت ميمونة زوجته في بيت أمير المؤمنين، فولدت عبداللّه هذا قبل ولادة الإمام الحسين بثلاثة أيّام، وكانت تحضن الإمام الحسين ـ كما بترجمتها في «الإصابة» ـ وترضع ولدها، فسمّي: رضيع الحسين.
(7) بحار الأنوار 44 / 343.