وصول خبر مقتل مسلم و هاني إلى الإمام بالثعلبيّة
وروى علماء الفريقين، عن عبداللّه بن سليمان والمنذر ابن المشمعل الأسديّين، أنّهما لقيا في زَرُود رجلا من بني أسد قادماً من الكوفة، فاستخبراه، فأخبرهما باستشهاد سيّدنا مسلم بن عقيل وهاني بن عروة(1).
فرووا عن الأسديّين أنّهما قالا: «فأقبلنا حتّى لحقنا الحسين صلوات اللّه عليه، فسايرناه حتّى نزل الثعلبية ممسياً، فجئناه حين نزل، فسلّمنا عليه فردّ علينا السلام، فقلنا له: رحمك اللّه، إنّ عندنا خبراً، إن شئت حدّثناك علانيةً وإن شئت سرّاً.
فنظر إلينا وإلى أصحابه، ثمّ قال: ما دون هؤلاء سرّ.
فقلنا له: رأيتَ الراكب الذي استقبلته عشي أمس؟
قال: نعم، وقد أردتُ مسألته.
فقلنا: قد واللّه استبرأنا لك خبره وكفيناك مسألته، وهو امرؤ منّا ذو رأي وصدق وعقل، وإنّه حدّثنا أنّه لم يخرج من الكوفة حتّى قُتل مسلم وهاني، ورآهما يُجرّان في السوق بأرجلهما.
فقال: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، رحمة اللّه عليهما; يردّد ذلك مراراً.
فقلنا له: ننشدك اللّه في نفسك وأهل بيتك إلاّ انصرفت من مكانك هذا، فإنّه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة، بل نتخوّف أن يكونوا عليك.
فنظر إلى بني عقيل فقال: ما ترون؟ فقد قُتل مسلم!
فقالوا: واللّه لا نرجع حتّى نصيب ثأرنا أو نذوق ما ذاق.
فأقبل علينا الحسين وقال: لا خير في العيش بعد هؤلاء.
فعلمنا أنّه قد عزم رأيه على المسير، فقلنا له: خارَ اللّه لك.
فقال: رحمكما اللّه.
فقال له أصحابه: إنّك واللّه ما أنت مثل مسلم بن عقيل، ولو قدمت الكوفة لكان الناس إليك أسرع.
فسكت، ثمّ انتظر حتّى إذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه: أكثِروا من الماء.
فاستقوا وأكثروا، ثمّ ارتحلوا»(2).
(1) الإرشاد 2 / 74، مقتل الحسين ـ للخولرزمي ـ 1 / 309.
(2) الإرشاد 2 / 74 ـ 75.