كتاب الإمام إلى الكوفة من الحاجر
* قال ابن الأثير: فلمّا بلغ الحسين الحاجر، كتب إلى أهل الكوفة مع قيس بن مُسْهِر الصيداوي يعرّفهم قدومَه، ويأمرهم بالجدّ في أمرهم، فلمّا انتهى قيسٌ إلى القادسية أخذه الحصين فبعث به إلى ابن زياد، فقال له ابن زياد: اصعد القصر فسبّ الكذّابَ ابنَ الكذّاب الحسينَ بن عليّ!
فصعد قيسٌ فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال: إنّ هذا الحسينَ بن عليّ خيرُ خلق اللّه، ابنُ فاطمة بنت رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، أنا رسوله إليكم، وقد فارقتُه بالحاجر، فأجيبوه; ثمّ لعن ابنَ زياد وأباه، واستغفر لعليّ.
فأمر به ابن زياد فرُمي من أعلى القصر، فتقطّع فمات(1).
* وقال الشيخ المفيد: «بعث قيس بن مسهر الصيداوي ـ ويقال: بل بعث أخاه من الرضاعة عبداللّه بن يقطر ـ إلى الكوفة، ولم يكن عليه السلام علم بخبر مسلم بن عقيل رحمة اللّه عليهما، وكتب معه إليهم:
بسم اللّه الرحمن الرحيم; من الحسين بن عليّ إلى إخوانه من المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم، فإنّي أحمد إليكم اللّه الذي لا إله إلاّ هو; أمّا بعد، فإنّ كتاب مسلم بن عقيل جاءني يخبر فيه بحسن رأيكم واجتماع ملئكم على نصرنا والطلب بحقّنا، فسألت اللّه أن يحسن لنا الصنيع، وأن يثيبكم على ذلك أعظم الأجر، وقد شخصت إليكم من مكّة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجّة يوم التروية، فإذا قدم عليكم رسولي فانكمشوا في أمركم، وجِدّوا، فإنّي قادم عليكم في أيّامي هذه، والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.
وكان مسلم كتب إليه قبل أن يقتل بسبع وعشرين ليلة، وكتب إليه أهل الكوفة أنّ لك ها هنا مئة ألف سيف ولا تتأخّر، فأقبل قيس بن مسهر إلى الكوفة بكتاب الحسين عليه السلام، حتّى إذا انتهى إلى القادسية، أخذه الحُصين بن نمير فبعث به إلى عبيداللّه بن زياد، فقال له عبيداللّه: اصعد فسبّ الكذّاب الحسين بن عليّ!
فصعد قيس فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال: أيّها الناس! إنّ هذا الحسين بن عليّ خير خلق اللّه، ابن فاطمة بنت رسول اللّه، وأنا رسوله إليكم، فأجيبوه! ثمّ لعن عبيداللّه بن زياد وأباه، واستغفر لعليّ بن أبي طالب وصلّى عليه.
فأمر عبيداللّه أن يرمى به من فوق القصر، فرموا به فتقطّع.
وروي أنّه وقع إلى الأرض مكتوفاً فتكسّرت عظامه وبقي به رمق، فجاء رجل يقال له: عبدالملك بن عمير اللخمي، فذبحه، فقيل له في ذلك وعِيب عليه، فقال: أردت أن أُريحه»(2).
(1) انظر: الكامل في التاريخ 3 / 402.
(2) الإرشاد 2 / 70 ـ 71.