خطبة الإمام
ورووا أنّ الإمام عليه السلام قام خطيباً بذي حسم، فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال:
«إنّه قد نزل من الأمر ما قد ترون، وإنّ الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت، وأدبر معروفها، واستمرّت جَذّاء فلم يبق منها إلاّ صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون أنّ الحقّ لا يعمل به، وأنّ الباطل لا يتناهى عنه؟! ليرغب المؤمن في لقاء اللّه محقّاً، فإنّي لا أرى الموت إلاّ سعادة، والحياة مع الظالمين إلاّ برماً.
فقام زهير بن القين البجلي فقال لأصحابه: تكلّمون أم أتكلّم؟!
قالوا: لا، بل تكلّم.
فحمد اللّه فأثنى عليه، ثمّ قال: قد سمعنا هَداك اللّه يا ابن رسول اللّه مقالتك، واللّه لو كانت الدنيا لنا باقية، وكنّا فيها مخلّدين إلاّ أنّ فراقها في نصرك ومواساتك، لآثرنا الخروج معك على الإقامة فيها.
قال: فدعا له الحسين، ثمّ قال له خيراً»(1).
(1) تاريخ الطبري 3 / 307.