بين الإمام و زهير بن القين في زَرُود
قال الطبري : «فأقبل الحسين حتّى كان بالماء فوق زَرُود»(1).
ثمّ روى الطبري عن رجل من بني فزارة، قال: «لمّا كان زمن الحجّاج بن يوسف كنّا في دار الحارث بن أبي ربيعة، التي في التمّارين، التي أُقطعت بعدُ زهيرَ بن القين، من بني عمرو بن يشكر، من بجيلة، وكان أهل الشام لا يدخلونها، فكنّا مختبئين فيها، قال: فقلت للفزاري: حدّثني عنكم حين أقبلتم مع الحسين بن عليّ.
قال: كنّا مع زهير بن القين البجلي حين أقبلنا من مكّة نساير الحسين، فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن نسايره في منزل، فإذا سار الحسين تخلّف زهير بن القين، وإذا نزل الحسين تقدّم زهير، حتّى نزلنا يومئذ في منزل لم نجد بُدّاً من أن ننازله فيه، فنزل الحسين في جانب ونزلنا في جانب، فبينا نحن جلوس نتغدّى من طعام لنا، إذ أقبل رسول الحسين حتّى سلّم، ثمّ دخل فقال: يا زهير بن القين! إنّ أبا عبداللّه الحسين ابن عليّ بعثني إليك لتأتيه.
قال: فطرح كلّ إنسان ما في يده حتّى كأنّنا على رؤوسنا الطير.
قال أبو محنف: فحدّثتني دلهم بنت عمرو امرأة زهير بن القين، قالت: فقلت له: أيبعث إليك ابن رسول اللّه ثمّ لا تأتيه؟! سبحان اللّه! لو أتيته فسمعت من كلامه ثمّ انصرفت؟!
قالت: فأتاه زهير بن القين، فما لبث أن جاء مستبشراً قد أسفر وجهه، قالت: فأمر بفسطاطه وثقله ومتاعه فقُدِّم وحُمل إلى الحسين، ثمّ قال لامرأته: أنت طالق، إلحقي بأهلك! فإنّي لا أُحبّ أن يصيبك من سببي إلاّ خير.
ثمّ قال لأصحابه: من أحبّ منكم أن يتبعني وإلاّ فإنّه آخر العهد، إنّي سأُحدّثكم حديثاً; غزونا بلنجر، ففتح اللّه علينا، وأصبنا غنائم، فقال لنا سلمان الباهلي: أفرحتم بما فتح اللّه عليكم وأصبتم من الغنائم؟
فقلنا: نعم.
فقال لنا: إذا أدركتم شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معهم منكم بما أصبتم من الغنائم.
فأمّا أنا فإنّي أستودعكم اللّه.
قال: ثمّ واللّه ما زال في أوّل القوم حتّى قُتل»(2).
وقال السيّد ابن طاووس: «قال زهير: قد عزمت على صحبة الحسين عليه السلام لأفديه بروحي وأقيه بنفسي.
ثمّ أعطاها مالها وسلّمها إلى بعض بني عمّها ليوصلها إلى أهلها، فقامت إليه وودّعته وبكت وقالت: كان اللّه لك عوناً ومعيناً، خارَ اللّه لك، أسألك أن تذكرني في القيامة عند جدّ الحسين»(3).
(1) تاريخ الطبري 3 / 302.
(2) تاريخ الطبري 3 / 302.
(3) الملهوف على قتلى الطفوف: 133.