وحار أذنابُ بني أُميّة وأتباعُهم المدافعون عنهم أمام هذه القضيّة، واضطربت كلماتهم، واختلفت أساليبهم، ووقعوا في تناقض شديد..
فمنهم: من حاول تبرئة يزيد، والمنع من لعنه، بتكذيب كلّ ما وقع!
ومنهم: من اعترف، وتكلّم في الإمام، وصوّب فعل يزيد!
ومنهم: من جعل يلفّ ويدور، ويطرح الاحتمالات والتأويلات، فلا يكذّب، ولا يقول الحقّ، ويدعو إلى الإمساك عن لعن يزيد، بل عن كلّ مجرم حتّى إبليس!!
وإلى القارئ الكريم هؤلاء:
ابن تيميّة
يقول ابن تيميّة: «إنّ يزيد لم يأمر بقتل الحسين باتّفاق أهل النقل، ولكن كتب إلى ابن زياد أنْ يمنعه عن ولاية العراق، والحسين رضي اللّه عنه كان يظنّ أنّ أهل العراق ينصرونه… فقاتلوه حتّى قتل شهيداً مظلوماً، رضي اللّه عنه.
ولمّا بلغ ذلك يزيد أظهر التوجّع على ذلك، وظهر البكاء في داره.
ولم يَسبِ له حريماً أصلا، بل أكرم أهل بيته وأجازهم حتّى ردّهم إلى بلدهم…
وقد اتّفق الناس على أنّ معاوية رضي اللّه عنه وصّى يزيد برعاية حقّ الحسين وتعظيم قدره… وإذا قيل: إنّ معاوية رضي اللّه عنه استخلف يزيد، وبسبب ولايته فعل هذا. قيل: استخلافه إنْ كان جائزاً لم يضرّه ما فعل، وإن لم يكن جائزاً فذاك ذنب مستقلّ ولو لم يقتل الحسين…»(1).
أقول: وفي كلامه:
1إنّ يزيد لم يأمر بقتل الحسين باتّفاق أهل النقل.
2إنّه لمّا بلغ ذلك يزيد أظهر التوجّع…
3إنّ يزيد لم يسبِ له حريماً أصلا.
4إنّ معاوية ليس له دور في هذه القضيّة.
ثمّ لماذا تعرّض للدفاع عن معاوية؟!
لأنّ المرتكز في أذهان الناس أنّه لولا استخلاف معاوية يزيد الخمور والفجور، وبتلك الأساليب البشعة والماكرةالتي تقدّم ذِكر بعضها في الفصل الأوّللَما فعل يزيد هذا…
ولا بُدّ من الدفاع عن معاوية!!..
لأنّ معاويةأيضاًمنصوب من قِبَل عمر بن الخطّاب على الشام… ولولا ذلك لَما فعل ما فَعَل، ولَما وصلت النوبة إلى يزيد…
وهذا هو السبب في اضطراب القوم…
فابن تيميّة أجاب بجواب هو في الواقع التزامٌ بالحقيقة…
(1) منهاج السُنّة 4 / 472473.