كتب أهل الكوفة، و الإمام يبعث مسلماً
وما زالت الكتب تصل إلى الإمام يدعونه إلى الكوفة..(1).
هنالك دعا مسلمَ بن عقيل رضي اللّه عنه وأرسله إلى الكوفة، وأمره بتقوى اللّه وكتمان الأمر واللطف…
فأقبل مسلم حتّى دخل الكوفة، فنزل في دار المختار بن أبي عبيد، وأقبلت الشيعة تختلف إليه وأكثروا حتّى عُلم مكانه…
فبلغ النعمان بن بشير ذلك ـ وكان والياً على الكوفة من قِبَل معاوية فأقرّه يزيد عليها ـ فصعد المنبر، فحمد اللّه وأثنى عليه ثمّ قال:
أمّا بعد، فاتّقوا اللّه ـ عباد اللّه ـ ولا تُسارعوا إلى الفتنة والفُرقة، فإنّ فيها يهلك الرجال، وتُسفك الدماء، وتُغتصب الأموال، إنّي لا أُقاتل من لا يقاتلني، ولا آتي على مَن لم يأت علَيَّ، ولا أُنبّه نائمكم، ولا أتحرّش بكم، ولا آخذ بالقَرف ولا الظنّة ولا التُّهمة، ولكنّكم إن أبديتم صفحتكم لي ونكثتم بيعتكم وخالفتم إمامكم، فواللّه الذي لا إله غيره، لأضربنّكم بسيفي ما ثبت قائمُه في يدي ولو لم يكن لي منكم ناصر.
أمَا إنّي أرجو أن يكون من يعرف الحقّ منكم أكثر ممّن يُرديه الباطل.
فقام إليه عبداللّه بن مسلم بن ربيعة الحضرمي، حليف بني أُميّة، فقال: إنّه لا يصلح ما ترى إلاّ الغشم، إنّ هذا الذي أنت عليه في ما بينك وبين عدوّك رأيُ المستضعفين.
فقال له النعمان: أكون من المستضعفين في طاعة اللّه، أحبُّ إليّ من أكون من الأعزّين في معصية اللّه. ثمّ نزل.
وخرج عبداللّه بن مسلم فكتب إلى يزيد بن معاوية: أمّا بعد، فإنّ مسلم بن عقيل قد قدم الكوفة، فبايعته الشيعة للحسين بن عليّ، فإن يك لك في الكوفة حاجةٌ، فابعث إليها رجلا قويّاً، ينفّذ أمرك ويعمل مثل عملك في عدوّك، فإنّ النّعمان بن بشير رجلٌ ضعيفٌ أو هو يتضعَّفُ.
ثمّ كتب إليه عمارة بن عُقبة بنحو من كتابه.
ثمّ كتب إليه عُمر بن سعد بن أبي وقّاص مثل ذلك(2).
(1) انظر: تاريخ الطبري 3 / 274 ـ 278، تاريخ دمشق 14 / 212، البداية والنهاية 8 / 121 ـ 122.
(2) انظر عن موقف النعمان من مسلم بن عقيل وشكوى شيعة بني أُميّة منه:
تاريخ الطبري 3 / 279 ـ 280، تهذيب التهذيب 2 / 49 رقم 3615، سير أعلام النبلاء 3 / 299 ـ 300، الفتوح 5 / 39 ـ 40، الأخبار الطوال: 233، تهذيب الكمال 6 / 494 رقم 1305، الإصابة 2 / 78 ـ 79، المنتظم 4 / 142، الكامل في التاريخ 3 / 387، البداية والنهاية 8 / 122، تاريخ ابن خلدون 3 / 27، مقتل الحسين ـ للخوارزمي ـ 1 / 286 ـ 287، وغيرها.