قتل جويرية بن مسهر العبدي
قال ابن حجر : «جويرية بن مسهر العبدي، ويقال: ابن بشر بن مسهر، كوفي، روى عن عليّ، وعنه الحسن بن محبوب وجابر بن الحرّ. ذكره الكشّي في رجال الشيعة وقال: كان من خيار التابعين»(1).
ولم يُشر ابن حجر إلى مقتله على يد زياد.
قال ابن أبي الحديد: وروى إبراهيم بن ميمون الأزدي، عن حبّة العرني، قال: كان جويرية بن مسهر العبدي صالحاً، وكان لعليّ بن أبي طالب صديقاً وكان عليٌّ يحبّه; ونظر إليه يوماً وهو يسير فناداه: يا جويرية! إلحق بي، فإنّي إذا رأيتك هويتك.
قال إسماعيل بن أبان: فحدّثني الصباح، عن مسلم، عن حبّة العرني، قال: سرنا مع عليّ عليه السلام يوماً، فالتفت فإذا جويرية خلفه بعيداً فناداه: يا جويرية! إلحق بي لا أبا لك، ألا تعلم أنّي أهواك وأُحبّك!
قال: فركض نحوه، فقال له: إنّي محدّثك بأُمور فاحفظها.
ثمّ اشتركا في الحديث سرّاً، فقال له جويرية: يا أمير المؤمنين! إنّي رجل نسيّ.
فقال له: إنّي أُعيد عليك الحديث لتحفظه.
ثمّ قال له في آخر ما حدّثه إيّاه: يا جويرية! أحبب حبيبنا ما أحبّنا، فإذا أبغضنا فابغضه، وابغض بغيضنا ما أبغضنا، فإذا أحبّنا فأحبّه.
قال حبّة: دخل جويرية على عليّ عليه السلام يوماً، وهو مضطجع، وعنده قوم من أصحابه، فناداه جويرية: أيّها النائم! استيقظ، فلتضربنّ على رأسك ضربة تخضب منها لحيتك.
قال: فتبسّم أمير المؤمنين عليه السلام، وقال: وأُحدّثك يا جويرية بأمرك، أمَا والذي نفسي بيده، لتعتلنّ إلى العتلّ الزنيم، فليقطعنّ يدك ورجلك وليصلبنّك تحت جذع كافر.
قال: فواللّه ما مضت إلاّ أيّام على ذلك حتّى أخذ زياد جويرية، فقطع يده ورجله وصلبه إلى جانب جذع ابن مكعبر، وكان جذعاً طويلا، فصلبه على جذع قصير إلى جانبه(2).
وقال الشيخ المفيد في أحوال الإمام أمير المؤمنين، في فصل إخباره بالغائبات: «ومن ذلك: ما رواه العلماء: إنّ جويرية ابن مسهر وقف على باب القصر فقال: أين أمير المؤمنين؟ فقيل له: نائم; فنادى: أيّها النائم استيقظ! فوالذي نفسي بيده، لتضربنَّ ضربةً على رأسك تخضب منها لحيتك كما أخبرتنا بذلك من قبل.
فسمعه أمير المؤمنين عليه السلام فنادى: أقبل يا جويرية حتّى أُحدّثك بحديثك. فأقبل، فقال: وأنت والذي نفسي بيده، لتعتلنَّ إلى العتلّ الزنيم، وليقطعنّ يدك ورجلك، ثمّ ليصلبنّك تحت جذع كافر.
فمضى على ذلك الدهر، حتّى ولّي زياد في أيّام معاوية، فقطع يده ورجله، ثمّ صلبه إلى جذع ابن مكعبر، وكان جذعاً طويلا فكان تحته»(3).
(1) لسان الميزان 2 / 144 رقم 634، وانظر: رجال الكشّي 1 / 322 ـ 323 رقم 169.
(2) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 2 / 290 ـ 291.
(3) الإرشاد 1 / 322 ـ 323.