سمّ عبدالرحمن بن أبي بكر
وكان من أشهر المعارضين لولاية يزيد: عبدالرحمن بن أبي بكر، فقد عارض ذلك بشدّة وقال:
«أهرقلية؟! إذا مات كسرى كان كسرى مكانه؟! لا نفعل واللّه أبداً».
فبعث إليه بمئة ألف درهم، فردّها عبدالرحمن وقال: «أبيع ديني بدنياي؟!».
وما لبث أن مات(1).
وروى ابن الأثير: إنّ مروان خطب فقال: «إنّ أمير المؤمنين قد اختار لكم فلم يأل، وقد استخلف ابنه يزيد بعده.
فقام عبدالرحمن بن أبي بكر فقال: كذبت ـ واللّه ـ يا مروان، وكذب معاوية، ما الخيار أردتما لأُمّة محمّد، ولكنّكم تريدون أنْ تجعلوها هرقليّة، كلّما مات هرقل قام هرقل.
فقال مروان: هذا الذي أنزل اللّه فيه (وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفّ لَّكُمَا)(2) الآية.
فسمعت عائشة مقالته، فقامت من وراء الحجاب وقالت: يا مروان! يا مروان! فأنصت الناس، وأقبل مروان بوجهه، فقالت: أنت القائل لعبد الرحمن إنّه نزل فيه القرآن؟! كذبت واللّه، ما هو به، ولكنّه فلان بن فلان، ولكنّك أنت فضض من لعنة نبيّ اللّه.
وقام الحسين بن عليّ، فأنكر ذلك.
وفعل مثله ابن عمر وابن الزبير.
فكتب مروان بذلك إلى معاوية»(3).
وفي تاريخ الطبري: «بايع الناس ليزيد بن معاوية غير الحسين بن عليّ وابن عمر وابن الزبير وعبدالرحمن بن أبي بكر وابن عبّاس.
فلمّا قدم معاوية… أرسل إلى عبدالرحمن بن أبي بكر فقال: يا ابن أبي بكر، بأيّة يد أو رجل تقدم على معصيتي؟!
قال: أرجو أن يكون ذلك خيراً لي.
فقال: واللّه لقد هممت أن أقتلك.
قال: لو فعلت لأتبعك اللّه به لعنةً في الدنيا وأدخلك به في الآخرة النار»(4).
قالوا: فلم يلبث إلاّ يسيراً حتّى مات، بعدما خرج معاوية من المدينة(5).
(1) الاستيعاب 2 / 825 ـ 826 رقم 1394.
(2) سورة الأحقاف 46: 17.
(3) الكامل في التاريخ 3 / 351 ـ 352 حوادث سنة 56، وانظر: تاريخ الخلفاء ـ للسيوطي ـ : 242 ـ 243.
(4) تاريخ الطبري 3 / 248 ـ 249 حوادث سنة 56 هـ .
(5) التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ 5 / 242 رقم 795، الكامل في التاريخ 3 / 343، أُسد الغابة 3 / 265 رقم 3338.