دخولهم على يزيد موثَّقين بالحبال
* قال ابن سعد: «ثمّ أُتي يزيدُ بن معاوية بثَقَل الحسين ومن بقي من أهله ونسائه، فأُدخلوا عليه قد قرنوا في الحبال، فوقّفوا بين يديه»(1).
* وقال ابن الجوزي: «ثمّ دعا يزيد بعليّ بن الحسين والصبيان والنساء، وقد أُوثقوا بالحبال، فأُدخلوا عليه…»(2).
* وقال الذهبي: «قال يحيى بن بكير: حدّثني الليث بن سعد، قال: أبى الحسين أن يُستأسر، فقاتلوه فقُتل، وقُتل ابنه وأصحابه بالطفّ، وانطلق ببنيه: عليّ وفاطمة وسكينة إلى عبيداللّه بن زياد، فبعث بهم إلى يزيد بن معاوية، فجعل سكينة خلف سريره لئلاّ ترى رأس أبيها، وعليّ بن الحسين في غلّ، فضرب يزيد على ثنيّتي الحسين رضي اللّه عنه وقال:
نفلّق هاماً من أُناس أعزّة *** علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما
فقال عليٌّ: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَة فِي الاَْرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَاب مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا)(3)، فثقل على يزيد أن تمثَّل ببيت وتلا عليٌّ آية، فقال: (فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِير)(4)، فقال: أمَا واللّه لو رآنا رسول اللّه مغلولين لأحبّ أنْ يحلّنا من الغلّ. قال: صدقت، حلّوهم…»(5).
* وقال الطبري: «ولمّا جلس يزيد بن معاوية، دعا أشراف أهل الشام فأجلسهم حوله، ثمّ دعا بعليّ بن الحسين وصبيان الحسين ونسائه، فأُدخلوا عليه والناس ينظرون، فقال يزيد لعليّ: يا عليّ! أبوك الذي قطع رحمي وجهل حقّي ونازعني سلطاني، فصنع اللّه به ما قد رأيت.
قال: فقال عليٌّ: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَة فِي الاَْرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إلاَّ فِي كِتَاب مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا).
فقال يزيد لابنه خالد: اردد عليه.
قال: فما درى خالد ما يردّ عليه.
فقال له يزيد: قل: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَة فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَن كَثِير)، ثمّ سكت عنه.
قال: ثمّ دعا بالنساء والصبيان فأُجلسوا بين يديه، فرأى هيئةً قبيحةً، فقال: قبّح اللّه ابن مرجانة، لو كانت بينه وبينكم رحم أو قرابة ما فعل هذا بكم، ولا بعث بكم هكذا.
قال أبو مخنف، عن الحارث بن كعب، عن فاطمة بنت عليّ، قالت: لمّا أُجلسنا بين يدي يزيد بن معاوية رقّ لنا وأمر لنا بشيء وألطفنا.
قالت: ثمّ إنّ رجلا من أهل الشام أحمر قام إلى يزيد، فقال: يا أمير المؤمنين هب لي هذه. يعنيني; وكنت جاريةً وضيئةً، فأُرعدت وفرقت وظننت أنّ ذلك جائز لهم، وأخذت بثياب أُختي زينب.
قالت: وكانت أُختي زينب أكبر منّي وأعقل، وكانت تعلم أنّ ذلك لا يكون، فقالت: كذبتَ واللّه ولؤمت، ما ذلك لك وله.
فغضب يزيد فقال: كذبتِ واللّه! إنّ ذلك لي، ولو شئت أن أفعله لفعلت.
قالت: كلاّ واللّه، ما جعل اللّه ذلك لك إلاّ أن تخرج من ملّتنا، وتدين بغير ديننا.
قالت: فغضب يزيد واستطار، ثمّ قال: إيّاي تستقبلين بهذا؟! إنّما خرج من الدين أبوكِ وأخوك.
فقالت زينب: بدين اللّه ودين أبي ودين أخي وجدّي اهتديتَ أنتَ وأبوكَ وجدّك.
قال: كذبت يا عدوّة اللّه.
قالت: أنت أمير مسلّط، تشتم ظالماً، وتقهر بسلطانك.
قالت: فواللّه لكأنّه استحيا، فسكت»(6).
***
(1) الطبقات الكبرى 6 / 448.
(2) الردّ على المتعصّب العنيد: 49.
(3) سورة الحديد 57: 22.
(4) سورة الشورى 42: 30.
(5) انظر: تاريخ الإسلام 2 / 368 حوادث سنة 61 هـ ، سير أعلام النبلاء 3 / 319 ـ 320، تاريخ دمشق 70 / 14 ـ 15 رقم 9400، مختصر تاريخ دمشق 20 / 353 ـ 354 رقم 137.
(6) تاريخ الطبري 3 / 339، وانظر: الكامل في التاريخ 3 / 438 ـ 439، البداية والنهاية 8 / 155 ـ 156، الردّ على المتعصّب العنيد: 49.