لقد تقدّم ذكر الأحاديث الدالّة على التحريف… وعرفت من خلال ذلك أنّ القول بنقصان القرآن مضاف إلى جماعة كبيرة من صحابة رسول اللّه وعلى رأسهم:
عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، عبداللّه بن العباس، أبو موسى الأشعري، عبداللّه بن عمر، عبدالرحمن بن عوف. عائشة بنت أبي بكر. حفصة بنت عمر… .
ومن مشاهير التابعين… وعلى رأسهم:
سعيد بن جبير، عكرمة، الضحاك، سعيد بن المسيب، عروة بن الزبير، الحسن البصري… .
وعرفت أيضاً أنّ تلك الأحاديث مخرجة في أهمّ كتب أهل السنّة وأسفارهم، ومن أشهرها:
الموطأ، صحيح البخاري، صحيح مسلم، صحيح الترمذي، صحيح النسائي، صحيح ابن ماجة، المصنّف لابن أبي شيبة، المسند لأحمد، المستدرك للحاكم، السنن للبيهقي، جامع الأصول، فتح الباري، إرشاد الساري، تاريخ دمشق، تفسير الطبري، تفسير الرازي، تفسير القرطبي، تفسير البغوي، تفسير الخازن، وغيرها.
موقف أهل السنة من هذه الأحاديث و الآثار:
فالرواة لهذه الأحاديث منهم من يلتزم بصحتها كأصحاب الصحاح الستة وأمثالهم من أرباب الكتب المشهورة والمسانيد، ومنهم من لا ندري رأيه فيها… كما لا ندري أنّ القائلين بالصحّة يحملون تلك الآيات المحكيّة في هذه الأحاديث على النسخ، أو يقولون بالتحريف تبعاً لمن قال به من الصحابة والتابعين… .
وفي المقابل طائفتان من المحدّثين والعلماء، طائفة تقول بالتحريف صراحة، أخذاً بالأحاديث الظاهرة فيه، واقتداءاً بالصحابة المصرّحين به، وطائفة تقول: ببطلان الأحاديث وتردّها الرد القاطع… .
فأهل السنّة بالنسبة إلى أحاديث التحريف على ثلاث طوائف:
طائفة يروون التحريف ولا نعلم رأيهم فيه
وهم المحدِّثون والعلماء الذين يروون أحاديث التحريف وينقلونها في كتبهم الحديثية وغيرها، ولا سبيل لنا إلى الوقوف على آرائهم في تلك الأحاديث، فهل يقولون بصحتها أوْلا؟ وعلى الأول، هل يحملونها على النسخ؟ أو يقولون بالتحريف حقيقة؟
وهؤلاء كثيرون، بل هم أكثر رجال الحديث والمحدِّثين والعلماء الرواة والناقلين لهذه الأحاديث… .
طائفة يروونه ويقولون به
وهم الذين أوردوا الأحاديث والآثار الظاهرة أو الصريحة في نقصان القرآن من غير جواب أو تأويل، وهؤلاء عدّة من العلماء وليس عددهم بقليل… فمثلا:
يقول ابن جزي الكلبي في تفسيره: «والصابئون. قراءة السبعة بالواو، وهي مشكلة، حتى قالت عائشة: هي من لحن كتّاب المصحف»(1).
(1) التسهيل لعلوم التنزيل 1 / 173، وابن جزي الكلبي المالكي وصفه الداودي في طبقات المفسرين 1 / 101، بقوله: كان شيخاً جليلاً ورعاً زاهداً عابداً متقلّلاً من الدنيا وكان فقيهاً مفسّراً، توفي في حدود العشرين وستمائة.