خاتمة الباب الأول
لقد استعرضنا في الباب الأوّل كلّ ما يتعلق الشيعة والتحريف، حيث ذكرنا كلمات أعلام الشيعة في نفي التحريف، وأدلّتهم على ما ذهبوا إليه من الكتاب والسنّة والإجماع وغيرها، وأجوبتهم عن الروايات الواردة في كتبهم المفيدة بظاهرها لنقصان القرآن، وعن الشبهات التي قد تثار حوله على ضوء تلك الرويات.
ولقد لاحظنا أن الروايات الموهمة للتحريف منقسمة إلى ما دلّ على اختلاف قراءة أهل البيت مع القرّاء في قراءة بعض الآيات، وما دلّ على تأويلات لهم لبعض آخر، وما دلّ على سقوط كذا آية من السورة وكذا آية من تلك.
أما القسم الأول، فلا ينكر أن الأئمة عليهم السلام يختلفون مع القرّاء في قراءة كثير من الآيات والكلمات، غير أنهم أمروا شيعتهم بأن يقرأوا كما يقرأ الناس، وهذا القسم خارج عن بحثنا.
وأما القسم الثاني، فإنه راجع إلى التأويل، ولا ريب في أنّ أهل البيت عليهم السلام أدرى بحقائق القرآن ومعاني آياته من كلّ أحد.
فروى ابن المغازلي: أنّ الذي عنده علم الكتاب هو علي بن أبي طالب عليه السلام(1).
وأما القسم الثالث، فإن ما تمّ منه سنداً نادر جدّاً، على أن أهل السنة يشاركون الشيعة في نقل مثل هذه الروايات كما سيأتي.
ومن هنا، فقد لاحظنا أن حوالي 90% من علماء الشيعة ـ الذين عليهم الاعتماد وإليهم الاستناد في أصولهم وفروعهم ـ ينفون النقصان عن القرآن نفياً قاطعاً، ولم يقل بنقصانه إلاَّ حوالي ال 5% منهم… وهي آراء شخصيّة لا تمثل رأي الطائفة.
وتلخص: أن مذهب الشيعة عدم تحريف القرآن بمعنى النقيصة في ألفاظه، وقد اعترف بذلك عبدالعزيز الدهلوي(2) ورحمة اللّه الهندي(3) وغيرهما من أعلام أهل السنة، وهذا هو الذي ينسب إلى أئمتنا عليهم السلام وعلى رأسهم أمير المؤمنين.
(1) المناقب: 314.
(2) التحفة الإثنا عشرية: 139.
(3) إظهار الحق 2 / 89 .