القسم الأول: أحاديث العرض على الكتاب
لقد جاءت الأحاديث الصحيحة تنصّ على وجوب عرض الخبرين المتعارضين، بل مطلق الأحاديث على القرآن الكريم، فما وافق القرآن أخذ به وما خالفه أعرض عنه، فلولا أنّ سور القرآن وآياته مصونة من التحريف ومحفوظة من النقصان ما كانت هذه القاعدة التي قرّرها الأئمة من أهل البيت الطاهرين، آخذين إياها من جدّهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، ولا أمكن الركون إليها والوثوق بها. ومن تلك الأحاديث:
قول الإمام الصادق عليه السلام: «خطب النبي صلّى اللّه عليه وآله بمنى، فقال: أيها الناس ما جاءكم عنّي يوافق كتاب اللّه فأنا قلته، وما جاءكم يخالف كتاب اللّه فلم أقله»(1).
قول الإمام الرضا صلّى اللّه عليه وآله: «… فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فأعرضوهما على كتاب اللّه، فما كان في كتاب اللّه موجودا حلالاً أو حراماً فاتبعوا ما وافق الكتاب، وما لم يكن في الكتاب فأعرضوه على سنن النبي صلّى اللّه عليه وآله..»(2).
وقول الإمام الصادق عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام: «إن على كلّ حق حقيقة وعلى كلّ صواب نوراً، فما وافق كتاب اللّه فخذوه وما خالف كتاب اللّه فدعوه»(3).
وقول الإمام الصادق عليه السّلام: «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فأعرضوهما على كتاب اللّه، فما وافق كتاب اللّه فخذوه، وما خالف كتاب اللّه فردّوه…»(4).
وقول الإمام الصادق عليه السلام: «… ينظر ما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به، ويترك ما خالف الكتاب والسنة ووافق العامة…»(5).
فهذه الأحاديث ونحوها تدلّ على إنّ القرآن الموجود الآن هو نفس ما أنزله اللّه عز وجلّ على النبي صلّى اللّه عليه وآله من غير زيادة ولا نقصان، لأنّه لو لم يكن كذلك لم يمكن أن يكون القرآن مرجعاً للمسلمين يعرضون عليه الأحاديث التي تصل إليهم عن النبي صلّى اللّه عليه وآله.
(1) وسائل الشيعة 18 / 79.
(2) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 / 20.
(3) أمالي الصدوق: 367.
(4) وسائل الشيعة 18 / 84 .
(5) وسائل الشيعة 18 / 75.