إعراض القوم عن علي في جمع القرآن
ولابدّ قبل الورود في البحث من أن نقول:
لقد كان أمير المؤمنين علي ـ عليه السلام ـ أعلم الناس بكتاب اللّه ـ عزّ وجلّ ـ عند المخالف والمؤالف، وهو القائل: «واللّه ما نزلت آية إلاَّ وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت»(1).
وهو الذي قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في حقه: «علي مع القرآن والقرآن مع علي»(2).
فلماذا لم يعدّه أنس بن مالك ـ ولا غيره ـ من حفّاظ القرآن، ومن الذين أمر الرسول صلّى اللّه عليه وآله بتعلّمه منهم والرجوع إليهم فيه، فيما رواه البخاري في صحيحه؟!
ثم إنه عليه السلام رتّب القرآن الكريم ودوّنه بُعيد وفاة النبي صلّى اللّه عليه وآله من القراطيس التي كان مكتوباً عليها، فكان له مصحف تامّ مرتّب يختصّ به كما كان لعدّة من الصحابة في الأيام اللاّحقة، وهذا من الأمور المسلّمة تاريخياً عند جميع المسلمين(3) ومن جلائل فضائل سيدنا أمير المؤمنين.. فلماذا لم يستفيدوا منه؟!
(1) حلية الأولياء 1 / 67، أنساب الأشراف 1 / 99، الاستيعاب 3 / 1107.
(2) المستدرك 3 / 134، الصواعق: 124 ـ 126، كفاية الطالب: 399.
(3) أنظر: فتح الباري 9 / 9، الاستيعاب ـ ترجمة أبي بكر ـ ، الصواعق: 78، الإتقان: 99، حلية الأولياء 1 / 67، التسهيل لعلوم التنزيل 1 / 4، المصنف لابن أبي شيبة 1 / 545، طبقات ابن سعد 2 / 338.