8 ـ عمومها
تجب التّوبة على عامّة الأشخاص في عامّة الأحوال، فلقد قال اللّه عزّوجلّ: (وَتُوبُوا إِلَى اللّهِ جَميعًا)(1)، فلا فرق بين شخص وآخر، ولا بين حالة وأخرى.
وذلك: لأنّ كل واحد من أفراد الإنسان لا يخلو عن معصية في وقت من الأوقات، وحالة من الحالات، وذلك لوجود الغرائز، وتوفّر الشّهوات ـ الّتي هي جنود الشّياطين ـ فيه.
إلاّ أنّ ذنوب الأنبياء والأوصياء عليهم الصّلاة والسّلام ليست كذنوب سائر النّاس، ولذلك فإنّ توبتهم تختلف عن توبتنا.
إنّ ذنوب الأنبياء والأوصياء عليهم السّلام تتمثّل في ترك الأولى، وترك دوام الذّكر، وحرمانهم زيادة الأجر والثّواب باشتغالهم بالمباحات.
إنّهم يأنسون بقرب اللّه وذكره، والتّفكر في جلالته وعظمته، فإذا اشتغلوا بأكل أو شرب أو غير ذلك من المباحات إستغفروا اللّه وتابوا إليه لاعتبارهم ذلك ذنباً.
هذا خلاصة ما ذكره الشّيخ الإربلي رحمه اللّه(2).
وهذا الوجه مذكور في بعض كتب العامّة أيضاً.(3)
أو أنّ توبتهم هذه، واستغفارهم ذاك محمول على التّواضع والعبودية للّه سبحانه وتعالى، أو أنّهم يتوبون إليه عزّوجلّ على لسان أمّتهم ومحبّيهم.
وإنّما تفسّر توبتهم بهذه المعاني لثبوت عصمتهم وطهارتهم عليهم السّلام ولأنّهم عباد اللّه المخلصين الّذين لا سلطان لإبليس عليهم، فلا يتمكن من إغوائهم… إنّهم ـ بإجماع الإمامية ـ معصومون من جميع الذّنوب صغائرها وكبائرها، قبل النّبوة والإمامة وبعدهما في جميع الأفعال والأقوال(4).
(1) سورة النّور، الآية: 31.
(2) كشف الغمّة في معرفة الأئمة 2 / 780، آخر أحوال الإمام الكاظم عليه السلام.
(3) انظر: تفسير النّسفي 4 / 116.
(4) أنظر تنزيه الأنبياء: 15 و 23، والإقتصاد: 166، والبحار 11 / 72 و 24 / 34.