من نصوص كلمات العلماء
1 ـ اعتقادات الشّيخ الصّدوق رحمه اللّه: قال الشّيخ رضي اللّه عنه: إعتقادنا في الميزان والحساب أنّهما حقّ، منه ما يتولاّه اللّه عزّوجلّ، ومنه ما يتولاّه حججه، فحساب الأنبياء والرّسل والأئمّة عليهم السّلام يتولاّه اللّه عزّوجلّ، ويتولّى كلّ نبيّ حساب أوصيائه، ويتولّى الأوصياء حساب الأمم.
واللّه تبارك وتعالى هو الشّهيد على الأنبياء والرّسل، وهم الشّهداء على الأوصياء، والأئمّة شهداء على النّاس… .
وأنّ اللّه تبارك وتعالى يخاطب عباده من الأوّلين والآخرين بمجمل حساب عملهم مخاطبةً واحدةً، يسمع منها كلّ واحد قضيته دون غيرها، ويظنّ أنّه المخاطب دون غيره، ولا تشغله تعالى مخاطبة عن مخاطبة، ويفرغ من حساب الأوّلين والآخرين في مقدار نصف ساعة من ساعات الدّنيا.
ويخرج اللّه تعالى لكلّ إنسان كتاباً يلقاه منشوراً، ينطق عليه بجميع أعماله لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلاّ أحصاها، فيجعله اللّه حسيب نفسه والحاكم عليه، بأن يقال له (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسيبًا…)(1).
2 ـ قال شيخ الطّائفة رحمه اللّه: ثمّ أخبر تعالى أنّه يخرج للإنسان المكلّف يوم القيامة كتاباً فيه جميع أفعاله مثبتة ما يستحقّ عليه ثواب أو عقاب… .
وقوله: (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسيبًا)(2) أي حسبك نفسك اليوم حاكماً عليك في عملك وما تستحقّّه من ثواب على الطّاعة ومن عقاب على المعصية، لأنّه أنصفك من جعلك حسيباً على نفسك بعملك…(3).
3 ـ وقال المحقق الطّوسي رحمه اللّه: وسائرالسّمعيات من الميزان والصّراط والحساب وتطائر الكتب ممكنة، دلّ السّمع على ثبوتها، فيجب التّصديق بها(4).
4 ـ وقال الشّيخ الطّبرسيّ رحمه اللّه: لما قدّم سبحانه ذكر الوعيد أتبع ذلك بذكر كيفيته فقال: وكلّ إنسان ألزمناه طائره في عنقه معناه: وألزمنا كلّ إنسان عمله من خير أو شرّ في عنقه. عن ابن عبّاس ومجاهد وقتادة. يريد: جعلناه كالطّوق في عنقه فلا يفارقه. وإنّما قيل للعمل طائراً: على عادة العرب في قولهم: جرى طائره بكذا، ومثله قوله سبحانه: قالوا طائركم معكم… .
ونخرج له يوم القيامة كتاباً وهو ما كتبه الحفظة عليهم من أعمالهم يلقاه أي: يرى ذلك الكتاب منشوراً أي مفتوحاً معروضاً عليه ليقرأه ويعلم ما فيه… .
إقرأ كتابك، فهنا حذف أي: ويقال له: إقرأ كتابك. قال قتادة: يقرأ يومئذ من لم يكن قارئاً في الدّنيا.
وروى جابر بن خالد بن نجيح عن أبي عبداللّه عليه السّلام… .
كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً أي: محاسباً. وإنّما جعله محاسباً لنفسه لأنّه إذا رأى أعماله يوم القيامة كلّها مكتوبة، ورأى جزاء أعماله مكتوباً بالعدل لم ينقص عن ثوابه شيء ولم يزد على عقابه شيء أذعن عند ذلك وخضع وتضرّع واعترف، ولم يتهيأ له حجّة ولا إنكار وظهر لأهل المحشر أنّه لا يظلم…(5).
5 ـ وقال العلاّمة رحمه اللّه: أقول: أحوال القيامة من الميزان والصّراط والحساب وتطائر الكتب أمور ممكنة. وقد أخبر اللّه تعالى بوقوعها، فيجب التّصديق بها(6).
وقال: ويجب الإقراربكلّ ما جاء به النّبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم. فمن ذلك الصّراط والميزان وإنطاق الجوارح وتطائر الكتب، لإمكانها، وقد أخبر الصّادق بها فيجب الإعتراف بها(7).
6 ـ وقال الشّهيد الثّاني رحمه اللّه: وأمّا عذاب القبر نعوذ باللّه تعالى منه وما يتبع المعاد ممّا دلّ عليه السّمع أيضاً كالحساب والصّراط والميزان وتطائر الكتب ودوام عقاب الكافرين في النّار، ودوام نعيم المؤمن في الجنّة، فلا ريب أنّه يجب التّصديق بها إجمالاً لاتّفاق الأمّة عليها، وتواتر السّمع المتواتر، فمنكرها يخرج عن الإيمان…(8).
7 ـ وقال الفاضل المقداد السّيوري رحمه اللّه: لما ثبت نبوّة نبينا صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وعصمته، ثبت أنّه صادق في كلّ ما أخبر بوقوعه سواء كان سابقاً على زمانه… أو في زمانه… أو بعد التّكليف، كأحوال الموت وما بعده، فمن ذلك عذاب القبر والصّراط والميزان والحساب، وإنطاق الجوارح وتطائر الكتب.
ويجب الإقرار بذلك أجمع، والتّصديق به، لأنّ ذلك كلّه أمرٌ ممكن لا إستحالة فيه، وقد أخبر الصّادق بوقوعه فيكون حقّاً(9).
8 ـ وقال الشّيخ الفيض الكاشاني رحمه اللّه: والحساب هو: جمع تفاريق المقادير والأعداد، وتعريف مبلغها، وفي قدرة اللّه عزّوجلّ يكشف في لحظة واحدة للخلائق حاصل حسناتهم وسيئاتهم وهو أسرع الحاسبين، ويأبى اللّه إلاّ أن يعرّفهم حقيقة ذلك ليبيّن فضله عند العفو، وعدله عند العقاب، فيخاطب عباده جميعاً من الأوّلين والآخرين بمجمل حساب أعمالهم مخاطبةً واحدةً يسمع منها كلّ واحد قضيّته دون غيره، ويظنّ أنّه المخاطب دون غيره، لا يشغله عزّوجلّ مخاطبة عن مخاطبة، ويفرغ من حسابهم جميعاً في مقدار ساعة من ساعات الدّنيا.
ويخرج لكلّ إنسان كتاباً يلقاه منشوراً، ينطق عليه بجميع أعماله، لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلاّ أحصاها. فيجعله اللّه محاسب نفسه والحاكم عليها، بأن يقال له: (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسيبًا…).
فتطائر الكتب، وتشخّص الأبصار إليها: أتقع في اليمين أو في الشّمال؟
(فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ)(10) (وَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَني لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ…)(11).
9 ـ وذكرالشّيخ العلاّمة المجلسي رحمه اللّه: بعض ما ورد في الحساب وكيفيته، وقال ما تعريبه ملخّصاً: يجب الإعتقاد الإجمالي بالحساب والسّؤال والحكم في مظالم العباد لورود ذلك في الآيات والأخبار الكثيرة. ثمّ نقل عبارة الشّيخ الصّدوق المذكورة آنفاً…(12).
ثمّ تعرّض لقوله تعالى: (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) فنقل تفسيرها عن الشّيخ عليّ بن إبراهيم القمي رحمه اللّه، والرّواية الواردة في تفسيرالعياشي(13) عن الإمام الصّادق عليه الصّلاة والسّلام…(14).
10 ـ وقال الشّيخ صفيّ الدّين الطّريحي رحمه اللّه: ويجب الإقرار بكلّ ما جاء به النّبي صلّى اللّه عليه وآله ممّا تواتر عنه، وعلم من دينه بالضّرورة، فمن ذلك عذاب القبر والصّراط والميزان والحساب وإنطاق الجوارح وتطائر الكتب وأحوال يوم القيامة، لإمكانها، وقد أخبر الصّادق بها صلوات اللّه عليه، فيجب الإعتراف بها(15).
11 ـ وقال السّيد عبد اللّه شبّر: (وَكُلَّ إِنسان أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ) عمله من خير وشرّ (في عُنُقِهِ) لزوم الطّوق في عنقه (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتابًا) وهو صحيفة عمله (يَلْقاهُ مَنْشُورًا)، ويقال له: (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسيبًا) محاسباً، ولقد أنصفك من جعلك حسيب نفسك.(16)
هذا، ويجب التّصديق بالملائكة الموكلين الكرام الكاتبين، لورود ذلك في نصوص الكتاب الكريم والرّوايات المتواترة، ولأنّه من الضّروريات الإعتقادية من الدّين الإسلامي.
وقد بحث المحدّثون عن كيفية الحساب، ومن يتولاّه، وعن أيّ شيء يسئل النّاس إلى غير ذلك، بحسب ما وصل إليهم من سادتهم المعصومين عليهم الصّلاة والسّلام. فراجع.
(1) الإعتقادات في دين الإمامية: 73 و 75، باب الإعتقاد في الحساب والميزان، والبحار 7 / 251، باب الميزان، الرّقم 10.
(2) سورة الإسراء، الآية: 14.
(3) تفسيرالتّبيان 6 / 455 و 457.
(4) كشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد: 575، المسألة الرّابعة عشرة.
(5) مجمع البيان في تفسير القرآن 6 / 521 و 522.
(6) كشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد: 575.
(7) النّافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر: 121، الفصل السّابع: في المعاد.
(8) حقائق الإيمان: 164.
(9) النّافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر: 122، الفصل السّابع: في المعاد.
(10) سورة الحاقة، الآية: 19 و 25.
(11) المحجّة البيضاء 1 / 251 ـ 252.
(12) البحار7 / 250ـ251.
(13) المتقدّمين في صفحة 18 و 19.
(14) البحار 7 / 312، الرّقم 2.
(15) مطارح النظر في شرح الباب الحادي عشر: 287.
(16) تفسير القرآن الكريم: 280.