كبار العلماء و هذا الحديث
وهذا الحديث بأسانيده المختلفة في الكتابين، ينص على أن تحريم المتعة كان يوم خيبر، ولكن المحققين من أهل السنة وفطاحل الحديث والأثر، يعدون ذلك من الاوهام الفاحشة، واليك بعض كلماتهم الصريحة في ذلك: قال الحافظ السهيلي: «ومما يتصل بحديث النهي عن أكل لحوم الحمر تنبيه على اشكال في رواية مالك عن أبي شهاب، فانه قال فيها: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن نكاح المتعة يوم خيبر وعن لحوم الحمر الاهلية.
وهذا شيء لا يعرفه أحد من أهل السير ورواة الأثر، أن المتعة حرمت يوم خيبر، وقد رواه أبو عيينة، عن أبي شهاب، عن عبد الله بن محمّد، فقال فيه: ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهي عن أكل الحمر الاهلية عام خيبر وعن المتعة، فمعناه على هذا اللفظ: ونهى عن المتعة بعد ذلك اليوم، فهو إذا تقديم وتأخير وقع في لفظ أبي شهاب لالفظ مالك، لان مالكاً قد وافقه على لفظه جماعة من رواة أبي شهاب»(1).
وقال ابن قيم الجوزية: «فصل ـ ولم تحرم المتعة يوم خيبر، وانما كان تحريمها عام الفتح. هذا هو الصواب، وقد ظنّ طائفة من أهل العلم أنه حرمها يوم خيبر واحتجوا بمافي الصحيحين من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه…»(2).
وقال ابن القيم أيضاً: «والصحيح ان المتعة انّما حرمت عام الفتح، لانه قد ثبت في الصحيح أنهم استمتعوا عام الفتح مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم باذنه، ولو كان التحريم زمن خيبر لزم النسخ مرتين وهذا لا عهد بمثله في الشريعة البتة، ولا يقع مثله فيا، وأيضاً: فان خيبر لم يكن فيها مسلمات وانما كن يهوديات واباحة نساء أهل الكتاب لم يكن بعد…»(3).
وقال: «فصل ـ وأما نكاح المتعة فثبت عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه أحلها عام الفتح، وثبت عنه أنه نهى عنها عام التفح. واختلف: هل نهى عنها يوم خيبر؟ على قولين، والصحيح: ان النهي عنها انّما كان عام الفتح، وأن النهي يوم خيبر انّما كان عن الحمر الاهلية…»(4).
وقال بدر الدين العيني بشرح الحديث في كتاب المغازي: «قال ابن عبد البر: وذكر النهي عن المتعة يوم خيبر غلط، وقال السهيلي: النهي عن المتعة يوم خيبر لا يعرفه أحد من أهل السير ورواة الأثر»(5).
وقال شهاب الدين القسطلاني بشرح الحديث في كتاب النكاح حيث قال البخاري: «حدثنا مالك بن اسماعيل، قال: حدثنا ابن عيينة أنه سمع الزهري يقول: أخبرني الحسن بن محمّد بن علي وأخوه عبد الله، عن أبيهما: أن علياً قال لابن عباس: ان النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الاهلية زمن خيبر».
قال القسطلاني: «زمن خيبر» نص للامرين، وفي غزوة خيبر من كتاب المغازي: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم خيبر عن متعة النساء وعن لحوم الحمر الاهلية. لكن قال البيهقي فيما قرأته في كتاب المعرفة: وكان ابن عيينة ـ يزعم أن تاريخ خيبر في حديث علي، انّما في اللنهي عن لحوم الحمر الاهلية، لافي نكاح المتعة، قال البيهقي: يشبه أن يكون كما قال قد روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه رخص فيه بعد ذلك، ثم نهى عنه، فيكون احتجاج علي بنهيه أخيراً، حتى يقوم الحجة على ابن عباس.
وقال السهيلي: النهي عن نكاح المتعة يوم خيبر، شيء لا يعرفه أهل السير ورواة الأثر…»(6).
وقال القسطلاني في شرح الحديث في كتاب المغازي.
«قال ابن عبد البر: ان ذكر النهي يوم خيبر غلط، وقال البيهقي: لا يعرفه أحد من أهل السير»(7).
(1) الروض الانف 6/557.
(2) زاد المعاد في هدى خير العباد 2/142.
(3) المصدر نفسه 2/183.
(4) زاد المعاد 4/6.
(5) عمدة القارى ـ شرح صحيح البخاري 17/246ـ247.
(6) ارشاد السارى ـ شرح صحيح البخاري 8/41.
(7) المصدر نفسه 6/536.