حديث تكثر لكم الأحاديث من بعدي
(ومنها) حديث نصّ التفتازاني على إيراد البخاري ايّاه في صحيحه، وقد طعن فيه المحدّثون، وقال يحيى بن معين بأنّه حديث وضعته الزنادقة، وهو قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «تكثر لكم الأحاديث من بعدي، فإذا روي لكم حديث فأعرضوه على كتاب الله» ذكر ذلك كلّه التفتازاني في (التلويح ـ شرح التوضيح) في كلام له حيث قال:
«قوله: وانّما يرد خبر الواحد في معارضة الكتاب، لأنّه مقدّم لكونه قطعيّاً متواتر النظم لا شبهة في متنه ولا في سنده، لكنّ الخلاف انّما هو في عمومات الكتاب وظواهرها، فمن يجعلها ظنّيّة يعتبر بخبر الواحد إذا كان على شرائطه عملا بالدليلين، ومن يجعل العام قطعيّاً، فلا يعمل بخبر الواحد في معارضته، ضرورة أنّ الظنّي يضمحلّ بالقطعي، فلا ينسخ الكتاب به ولا يزاد عليه أيضاً، لأنّه بمنزلة النسخ.
واستدلّ على ذلك بقوله عليه السّلام: تكثر لكم الأحاديث من بعدى، فإذا روي لكم حديث فأعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فاقبلوه وما خالفه فردّوه.
واُجيب: بأنّه خبر واحد قد خصّ منه البعض، أعني المتواتر والمشهور، فلا يكون قطعيّاً، فكيف يثبت به مسألة الاُصول؟ على أنّه ممّا يخالف عموم قوله تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ).
وقد طعن فيه المحدّثون بأنّ في رواته يزيد بن ربيعة، وهو مجهول، وترك في اسناده واسطة بين الأشعب وثوبان فيكون منقطعاً.
وذكر يحيى بن معين: انّه حديث وضعته الزنادقة.
وإيراد البخاري إيّاه في صحيحه لا ينافي الانقطاع أو كون أحد رواته غير معروف بالرواية»(1).
(1) التلويح في شرح التوضيح 2:21.