تصريح ابن دحية بانحراف البخاري عن أهل البيت
وقد كان ما لاقاه البخاري من الإهانة والتضليل، من كبار الأئمة، كأبي زرعة وأبي حاتم والذهلي وأئمّة بخارى، جزاء لانحرافه عن أميرالمؤمنين وأهل البيت الطاهرين عليهم السلام، وإزرائه لهم وكتمانه فضائلهم ومناقبهم في دار الدنيا الأمر الذي صرَّح به العلامة ذو النسبين ابن دحية في كتاب (شرح أسماء النبي صلّى الله عليه وسلّم) حيث قال:
«ترجم البخاري في صحيحه في وسط المغازي ما هذا نصّه: بعث عليّ ابن أبي طالب وخالد بن الوليد الى اليمن قبل حجّة الوداع: حدّثني أحمد بن عثمان قال: ثنا شريح بن مسلمة قال: ثنا إبراهيم بن يوسف بن اسحاق بن أبي اسحاق قال: حدّثني أبي، عن أبي اسحاق سمعت البراء، بعثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع خالد بن الوليد الى اليمن، ثم بعث عليّاً بعد ذلك مكانه فقال: مر أصحاب خالد، من شاء منهم أن يعقّب معك فليعقِّب ومن شاء فليقبل، فكنت ممن عقَّب معه. قال: فغنمت أواقي ذات عدد.
حدّثني محمّد بن بشار قال: ثنا روح بن عبادة قال: ثنا علي بن سويد ابن منجوق، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: بعث النبي صلّى الله عليه وسلّم عليّاً الى خالد ليقبض الخمس، وكنت أبغض عليّاً، وقد غتسل، فقلت لخالد: ألا ترى الى هذا، فلمّا قدمنا الى النبي صلّى الله عليه وسلّم ذكرت له ذلك، فقال: يا بريدة أتبغض عليّاً؟ فقلت: نعم. قال: لا تبغضه، فانّ له في الخمس أكثر من ذلك.
قال ذو النسبين رحمة الله:
أورده البخاري ناقصاً مبتّراً كما ترى، وهي عادته في ايراد الأحاديث التي من هذا القبيل، وما ذاك الاّ لسوء رأيه في التنكّب عن هذه السبيل.
وأورده الإمام أحمد بن حنبل كاملا محقّقاً، الى طريق الصحّة فيه موفقاً، فقال فيما حدّثني القاضي العدل، بقيّة مشايخ العراق، تاج الدين أبو الفتح محمّد بن أحمد بن المندائي ـ قراءة عليه، بواسط العراق ـ بحقّ سماعه على الثقة الرئيس أبي القاسم ابن الحصين، بحق سماعه على الثقة الواعظ أبي علي الحسين ابن المذهب، بحق سماعه على الثقة أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، بحقّ سماعه من الإمام أبي عبد الرحمن عبد الله، بحق سماعه على أبيه إمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن حنبل قال: ثنا يحيى بن سعيد، ثنا عبد الجليل قال: انتهيت الى حلقة فيها أبو مجلز وابنا بريدة، فقال عبد الله ابن بريدة: أبغضت عليّاً بغضاً لم أبغضه أحداً قط. قال: وأحببت رجلا لم اُحبّه الاّ على بغضه عليّاً. قال: فبعث ذلك الرجل على خيل فصحبته، وما أصحبه الاّ على بغضه عليّاً. قال: فأصبنا سبياً. قال: فكتب الى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ابعث علينا من يخمسه. قال: فبعث النيا عليّاً وفي السبي وصيفة هي أفضل من في السبي، قال: فخمس وقسّم، فخرج ورأسه يقطر. فقلنا: يا أبا الحسن ما هذا؟ قال: ألم تروا الى الوصيفة التي كانت في السبي، فانّي قسّمت وخمست فصارت في الخمس، ثمّ صارت في أهل بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ صارت في آل علي ووقعت بها. قال: فكتب الرجل الى نبي الله صلّى الله عليه وسلّم. قلت: ابعثني، فبعثني مصدّقاً. قال: فجعلت أقرأ الكتاب وأقول: صدق صدق، فأمسك يدي والكتاب قال: أتبغض علياً؟ قال: قلت: نعم. قال: فلا تبغضه، وان كنت تحبّه فازدد له حبّاً، فوالذي نفس محمّد بيده، لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة. قال: فما كان من الناس أحد بعد قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحبّ اليّ من علي.
قال عبد الله: فو الذي لا اله غيره، ما بيني وبين النبي صلّى الله عليه وسلّم في هذا الحديث غير أبي بريدة»(1).
وقال ابن دحية في موضع آخر من كتابه المذكور، بعد نقل حديث عن مسلم:
«بدأنا بما أورده مسلم، لأنّه أورده بكماله، وقطّعه البخاري وأسقط منه على عادته كما ترى، وهو ممّا عيب عليه في تصنيفه على ما جرى، ولا سيّما اسقاطه لذكر علي رضي الله عنه».
(1) المستكفى في أسماء النبي المصطفى ـ مخلوط.