المطلب الثالث
في أنّ المهدي من أهل البيت
إنّ النّبي صلّى اللّه عليه وآله صرّح بكون المهدي ـ الذي يملأ اللّه به الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً ـ من أهل بيته.
وهذا أيضاً ممّا تواتر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في أحاديث المسلمين، كما عرفت التصريح بذلك في بعض الكلمات… ومن ذلك:
ما أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم ـ واللفظ للأول ـ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا تقوم السّاعة حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»(1).
وما أخرجه ابن ماجة في باب خروج المهدي عن علي قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «المهدي منّا أهل البيت يصلحه اللّه في ليلة»(2).
وما أخرجه أحمد بسنده عن أبي سعيد الخدري: قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً قال: ثم يخرج رجل من عترتي ـ أو من أهل بيتي ـ يملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وعدواناً»(3).
وأخرجه الحاكم بالسّند بلفظ «أهل بيتي» وقال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه».
ووافقه الذهبي في تلخيصه(4).
وأخرجه عن أبي سعيد الخدري بلفظ «من عترتي» قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم. ووافقعه الذهبي(5).
ومنها ما جاء في أنّ المهدي من ولد فاطمة عليها السلام، ومنها:
ما أخرجه أبو داود وابن ماجة وغيرهما عن اُمّ سلمة عن النبي عليه السلام: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة»(6).
وأخرجه الحاكم والذهبي عن سعيد بن المسيّب عن اُم سلمة أنها سمعت رسول اللّه يذكر المهدي فقال: «نعم هو حق وهو من بني فاطمة»(7).
وصحّح في التاج سندي أبي داود والحاكم(8).
ومنها ما نصَّ فيها على أنه من ولد الحسين الشهيد عليه السلام، وهي كثيرة، نذكر منها ثلاث روايات:
الرواية الأُولى: قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه عزّ وجلّ ذلك اليوم حتّى يبعث فيه رجلاً من ولدي اسمه اسمي، فقام سلمان الفارسي فقال: يا رسول اللّه، من أيّ ولدك؟ قال: من وَلَدي هذا. وضرب بيده على الحسين».
هذه الرواية في المصادر عن أبي القاسم الطبراني(9)، وابن عساكر الدمشقي، وأبي نعيم الإصفهاني، وابن قيّم الجوزية، ويوسف بن يحيى المقدسي(10)، وشيخ الإسلام الجويني(11)، وابن حجر المكي صاحب الصواعق(12).
الرواية الثانية: قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لبضعته الزهراء سلام اللّه عليها وهو في مرض وفاته: «ما يبكيك يا فاطمة، أما علمت أنّ اللّه أطّلع إلى الأرض إطّلاعه أو اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه نبيّاً، ثمّ اطّلع ثانية فاختار بعلك، فأوحى إليّ فأنكحته إيّاك واتّخذته وصيّاً، أما علمت أنّكِ بكرامة اللّه إيّاك زوّجك أعلمهم علماً، وأكثرهم حلماً، وأقدمهم سلماً. فضحكت واستبشرت فأراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أن يزيدها مزيد الخير، فقال لها: ومنّا مهدي الأُمّة الذي يصلّي عيسى خلفه، ثمّ ضرب على منكب الحسين فقال: من هذا مهدي الأُمّة».
وهذه الرواية رواها كما في المصادر: أبو الحسن الدارقطني، أبو المظفر السمعاني، أبو عبداللّه الكنجي، وابن الصبّاغ المالكي(13).
الرواية الثالثة: قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «يخرج المهدي من ولد الحسين من قبل المشرق، لو استقبلته الجبال لهدمها واتّخذ فيها طرقاً».
هذه الرواية كما في المصادر عن نعيم بن حمّاد: والطبراني، وأبي نعيم، والمقدسي صاحب كتاب عقد الدرر في أخبار المنتظر(14).
(1) مسند أحمد 1 / 376، سنن الترمذي 3 / 343، سنن أبي داود 4 / 151.
(2) سنن ابن ماجة 2 / 1367.
(3) مسند أحمد 3 / 36.
(4) المستدرك على الصحيحين 4 / 557.
(5) المستدرك على الصحيحين 4 / 558.
(6) سنن أبي داود، المستدرك، سنن ابن ماجة، التاج 5 / 343.
(7) المستدرك على الصحيحين 4 / 557.
(8) التاج الجامع للاصول 5 / 343.
(9) المعجم الكبير 10 / 166، حديث 10222، باختلاف.
(10) عقد الدرر في أخبار المنتظر: 56.
(11) فرائد السمطين 2 / 325، عن حذيفة بن اليمان.
(12) الصواعق المحرقة: 249.
(13) البيان في أخبار صاحب الزمان للكنجي الشافعي (ضمن كفاية الطالب): 502، الفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالكي: 296.
(14) الفتن لنعيم بن حماد 1 / 171، حديث 1095، عقد الدرر: 282 عن الطبراني وأبي نعيم، وانظر الحاوي للفتاوى 2 / 66 عن ابن عساكر.