الحديث الحادي عشر
ما رواه عبد الوهّاب الكلابي، المعروف بابن أخي تبوك، المتوفّى في سنة 396 ـ وكان مسند دمشق ـ في مسنده. وابن عساكر في تاريخ دمشق. والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد.
قال الخطيب:
«حدّثت عن عبد الوهّاب بن الحسن الدمشقي، قال: حدّثنا أبو القاسم عبداللّه بن أحمد بن محمّد التميمي المعلم المعروف بالغباغبي لفظاً، قال: حدّثني ضرار بن سهل الضراري ببغداد في دار الخلنجيين في رأس الجسر، قال: حدّثنا الحسن بن عرفة، حدّثنا أبو حفص الأبّار عمر بن عبدالرحمن، عن حميد عن أنس، قال:
قال لي عليّ بن أبي طالب: قال لى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يا عليّ، إنّ اللّه أمرني أن أتّخذ أبا بكر والداً، وعمر مشيراً، وعثمان سنداً، وأنت ـ يا عليّ ـ ظهيراً… .
هذا الحديث منكَر جدّاً. لا أعلم رواه بهذا الإسناد إلاّ ضرار بن سهل، وعنه الغباغبي. وهما جميعاً مجهولان»(1).
وقال ابن الجوزي:
«باب في فضائل الأربعة، وفيه أحاديث، الحديث الأوّل:
أنبأنا أبو منصور القزّاز، قال أبو بكر أحمد بن عليّ الخطيب، قال: حدّثت عن عبد الوهّاب بن الحسن الدمشقي، حدّثنا أبو القاسم عبداللّه بن أحمد بن محمّد التميمي المعروف بالغباغبي، قال: حدّثني ضرار بن سهل، حدّثنا الحسن بن عرفة، حدّثنا أبو حفص الأبّار، عن حميد، عن أنس، قال:
قال لي عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يا عليّ، إنّ اللّه أمرني أن أتّخذ أبا بكر والداً… وأنت يا عليّ ظهيراً…».
ثم قال ابن الجوزي بعد أن رواه عن الخطيب كذلك:
«قال الخطيب: هذا حديث منكر جدّاً، لا أعلم رواه بهذا الإسناد إلاّ ضرار بن سهل، وعنه الغباغبي، وهما مجهولان»(2).
وقال الذهبي:
«ضرار بن سهل بن عن الحسن بن عرفة، بخبر باطل، ولا يُدرى مَن ذا الحيوان!!
والحديث عن ابن عرفة.
حدّثنا الأبار، عن حميد، عن أنس، قال عليّ: قال لي النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: يا عليّ، إنّ اللّه أمرني أن أتّخذ أبا بكر والداً.
رواه أخو تبوك عبد الوهّاب الكلابي، عن عبداللّه بن أحمد الغباغبي ـ أحد المجهولين ـ عن ضرار»(3).
وقال ابن حجر:
«ضرار بن سهل، عن الحسن بن عرفة، بخبر باطل، ولا يدرى مَن ذا الحيوان!!
والحديث عن ابن عرفة، حدّثنا الأبار، عن حميد، عن أنس، قال عليُ رضي اللّه عنه: قال لي النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: يا عليّ، إنّ اللّه أمرني أن أتّخذ أبا بكر والداً… رواه أخو تبوك عبد الوهّاب الكلابي، عن عبداللّه بن أحمد الغباغبي ـ أحد المجهولين ـ عن ضرار»(4).
أقول: إلى هنا، وقد عرفت أنّ هذا الحديث من الموضوعات.
ثم إنّ ابن حجر بعد أن ذكر الحديث، وقال ـ تبعاً للذهبي ـ : «رواه أخو تبوك عبد الوهّاب الكلابي عن عبداللّه بن أحمد الغباغبي» وحكم تبعاً له بأنّه «أحد المجهولين» عنون:
«عبداللّه بن أحمد بن محمّد التميمي، المعروف بالعباعبي».
قال: «روى عن ضرار بن سهل عن الحسن بن عرفة في فضل الخلفاء الأربعة. روى عنه عبد الوهّاب العلائي».
فهناك: «الغباغبي» وهنا «العباعبي»!
والراوي عنه هناك: «عبد الوهّاب الكلابي» وهنا «عبد الوهّاب العلائي»!
ثم قال:
«قال الخطيب: منكر جدّاً، لا أعلم رواه بهذا الإسناد غير ضرار، وهو والعباعبى مجهولان. وذكر له ابن عساكر نسباً إلى فراس بن حابس التميمي أخي الأقرع بن حابس… .
مات سنة 425.
وكان معلّماً على باب الجابية.
قلت: فهو معروف، والتصق الوهم بضرار»(5).
أقول: لقد حاول ابن حجر أن يُخرج الرجلَ عن الجهالة، مع وهمه في لقبه وفي لقب الراوي عنه، لكنّه لم يفلح، فلم يأتِ له بتوثيق ولا مدح، إذ لا يُخرج الرجل عن المجهوليّة العلم بكونه معلّماً في مكان كذا، وبأنّه مات في سنة كذا، وإلاّ لم يحكم عليه بالجهالة الخطيب البغدادي الراوي عنه بواسطة واحدة، ولا ابن الجوزي الراوي عن الخطيب بواسطة واحدة، ولا الذهبي!!
(1) تاريخ بغداد 9 / 348.
(2) الموضوعات 1 / 301 ـ 302.
(3) ميزان الاعتدال 3 / 448 ـ 449.
(4) لسان الميزان 3 / 238 ـ 239.
(5) لسان الميزان 3 / 303.