أشعار أبي نؤاس في مدح الإمام الرّضا:
ثمّ إنّهم ذكروا بترجمة الإمام الرضا عليه السلام أشعاراً لأبي نؤاس:
منها: ما أورده العلاّمة رحمه اللّه. قال ابن الجوزي: فقال الصّولي: ومدحه أبو نؤاس فقال:
قيل لي أنت واحد النّاس في كلّ *** كلام من المقال بديه
لك في جوهر الكلام بديع *** يثمر الدرّ في يدي مجتنيه
فعلى مَ تركت مدح ابن موسى *** والخصال التي تجمّعن فيه
قلت: لا اهتدي لمدح امام *** كان جبريل خادماً لأبيه(1)
وقال الذهبي: ولأبي نؤاس في علي رحمة اللّه عليه:
قيل لي أنت أحسن الناس طرّاً *** في فنون من المقال النبيه
لك من جيّد القريض مديح *** يثمر الدرّ في يدي مجتنيه
فعلى مَ تركت مدح ابن موسى *** والخصال التي تجمّعن فيه
قلت: لا أستطيع مدح إمام *** كان جبريل خادماً لأبيه(2)
وقال الذهبي: «قال الصولي: حدّثنا أحمد بن يحيى أنّ الشعبي قال: أفخر بيت قيل قول الأنصار في بدر:
وببئر بدر إذ يردُّ وجوههم *** جبريل تحت لوائنا ومحمّد
ثمّ قال الصولي: افخر منه قول الحسن بن هاني في علي بن موسى الرضا:
قيل لي أنت واحد الناس في كلّ كلام . . .» إلى آخر الأبيات(3).
وأوردها أيضاً الصفدي في الوافي(4)، وابن طولون(5).
وقال ابن خلّكان(6) وكذا ابن طولون: وكان سبب قوله هذه الأبيات أنّ بعض أصحاب قال له: ما رأيت أوقح منك: ما تركت خمراً ولا طرداً ولا معنى إلاّ قلت فيه شيئاً، وهذا علي بن موسى الرضا في عصرك لم تقل فيه شيئاً. فقال: واللّه ما تركت ذلك إلاّ إعظاماً له، وليس يقدر مثلي أن يقول في مثله، ثمّ أنشد بعد ساعة هذه الأبيات.
ومنها: ما رواه الحاكم النيسابوري في تاريخ نيسابور، وعنه الحافظ الحمويني الجويني بإسناده قال:
«أنبأني الشيخ عبد الرحيم بن محمّد بن أحمد بن فارس بن الزجّاج، أنبأنا القاضي جمال الدين عبد الصمد بن محمّد بن أبي الفضل، أنبأنا محمّد بن الفضل أبو عبد اللّه وأبو القاسم زاهر بن طاهر إجازة قالاً: أنبأنا الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين قال: أنبأنا الإمام الحاكم البيّع قال: حدّثني علي بن محمّد المذكّر قال: حدّثنا محمّد بن علي الفقيه قال: حدّثنا الحسين بن إبراهيم، قال: أنبأنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه قال: حدّثنا أبو الحسين محمّد بن يحيى الفارسي قال: نظر أبو نؤاس إلى أبي الحسن علي بن موسى الرضا ذات يوم ـ وقد خرج من عند الخليفة ـ على بغلة له، فدنا منه أبو نؤاس وسلّم عليه وقال: يا ابن رسول اللّه، قد قلت أبياتاً فأُحبّ أن تسمعها منّي. قال: هات. فأنشأ أبو نؤاس يقول:
مطهّرون نقيّات ثيابهم *** تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا
من لم يكن علوياً حين تنسبه *** فماله في قديم الدهر مفتخر
واللّه لما بدا خلقاً فأتقنه *** صفاكم واصطفاكم أيّها البشر
وأنتم الملأ الأعلى وعندكم *** علم الكتاب وما جاءت به السّور
فقال الرضا: قد جئت بأبيات ما سبقك إليها أحد. ثمّ قال: يا غلام هل معك من نفقتنا شيء؟ فقال: ثلاثمائة دينار. فقال: أعطها ايّاه. ثمّ قال: لعلّه استقلّها. يا غلام سق إليه البغلة»(7).
وقد ذكر هذا الشعر أيضاً في: ابن خلّكان(8) وابن طولون(9) قالا: وله ذكر في شذور العقود.
وقال الصفدي: «وفيه يقول أيضاً:
مطهّرون نقيّات جيوبهم . . .» إلى آخرها(10).
ومنها: ما رواه الحاكم النيسابوري ـ وعنه الحمويني الجويني ـ باسناده عن الصولي عن المبرد قال:
«خرج أبو نؤاس ذات يوم من داره، فبصر براكب قد حاذاه فسأل عنه ـ ولم يروجه ـ فقيل: انّه علي بن موسى الرضا، فأنشأ يقول:
إذا أبصرتك العين من بعد غاية *** وعارض فيك الشك أثبتك القلب
ولو أنّ قوماً أمّموك لقادهم *** نسيمك حتى يستدل به الركبُ»(11)
ثمّ قال الصولي: أفخر منه قول الحسن بن هاني في علي بن موسى الرضا:
قيل لي أنت واحد الناس في كلّ كلام . . .» إلى آخر الأبيات(12).
وأوردها أيضاً الصفدي في الوافي، وابن طولون(13).
(1) المنتظم 10 / 120.
(2) تاريخ الإسلام، حوادث 201 ـ 210 / 271.
(3) سير أعلام النبلاء 9 / 388.
(4) الوافي بالوفيات 22 / 249.
(5) الأئمّة الاثنا عشر: 99.
(6) وفيات الأعيان 2 / 433.
(7) فرائد السمطين 2 / 200.
(8) وفيات الأعيان 2 / 433.
(9) الأئمّة الاثنا عشر: 99.
(10) الوافي بالوفيات 22 / 250.
(11) فرائد السمطين 2 / 202.
(12) سير أعلام النبلاء 9 / 3878.
(13) الوافي بالوفيات 22 / 249. الأئمة الاثنا عشر: 99.