هم موضع سرّه و عيبة علمه
«هم موضع سرّه، ولجأ أمره، وعيبة علمه، وموئل حكمه، وكهوف كتبه، وجبال دينه. بهم أقام أنحناء ظهره، وأذهب ارتعاد فرائصه»(1).
والضمائر كلّها راجعة إلى «اللّه» أو «النبيّ»، إلاّ الضمير في «ظهره» و«فرائصه» فإنّهما عائدان إلى «الدين».
والمراد من «السرّ» العلوم التي لا يحتملها أحد غيرهم، ومن «الأمر» كلّ ما يحتاجه الناس لدينهم ودنياهم، فالائمة هم المرجع والملاذ فيه، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء)(2) وقد أشار أمير المؤمنين عليه السّلام نفسه إلى هذا المعنى، مستدلا بالآية الكريمة، في قوله الآتي ذكره: «إنّا لم نحكّم الرجال…».
والمراد من «عيبة علمه» أنّ الائمّة أوعية لعلوم اللّه التي أودعها النبي، وإليه أشار هو بقوله: «… علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلاّ اللّه، وما سوى ذلك فعلم علّمه اللّه نبيّه فعلمنيه، ودعالي بأنّ يعيه صدري وتَضطَمَّ عليه جوانحي»(3) وبه أخبار رواها الكليني في الكافي(4).
والمراد من «الحكم» مطلق الأحكام الشرعيّة أو خصوص الحكم بمعنى القضاء، وقد تواتر عن أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه وآله قولهم: «أقضانا علي»(5) والأخبار الواردة عنهم في النهي عن التحاكم إلى غيره كثيرة، أورد بعضها الحرّ العاملي في كتاب الوسائل(6).
(1) نهج البلاغة: 47.
(2) سورة النساء: الآية 62.
(3) نهج البلاغة: 186.
(4) الكافي 1 / 256.
(5) أنظر: الرياض النضرة 2 / 198، فتح الباري 8 / 136، تاريخ الخلفاء: 115، الإستيعاب 3 / 40، حلية الأولياء 1 / 65، وغيرها.
(6) وسائل الشيعة 18 / 2 ـ 5.