(4) دلالته على أن الامام حافظ العلم
ويدلّ حديث مدينة العلم على أن أمير المؤمنين عليه السلام حافظ علوم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وهذا المعنى بوحده دليل على أفضليّته عليه السلام من سائر الأصحاب، وهو المطلوب في هذا الباب.
ولقد صرّح بما ذكرنا الفقيه المحدّث الشيخ كمال الدين ابن طلحة الشافعي حيث قال في ذكر شواهد علم الامام وفضله:
«ومن ذلك ما رواه الإمام الترمذي في صحيحه بسنده، وقد تقدّم ذكره في الاستشهاد في صفة أمير المؤمنين بالأنزع البطين: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، ونقل الإمام أبومحمد الحسين بن مسعود القاضي البغوي في كتابه الموسوم بالمصابيح: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: أنا دار الحكمة وعلي بابها، لكنّه صلّى الله عليه وسلّم خصّ العلم بالمدينة والدار بالحكمة، لما كان العلم أوسع أنواعاً وأبسط فنوناً وأكثر شعباً وأغزر فائدة وأعمّ نفعاً من الحكمة خصّص الأعم بالأكبر والأخص بالأصغر.
وفي قول النبي صلّى الله عليه وسلّم ذلك إشارة إلى كون علي عليه السلام نازلاً من العلم والحكمة منزلة الباب من المدينة والباب من الدار، لكون الباب حافظاً لما هو داخل المدينة وداخل الدار من تطرّق الضّياع واعتداء يد الذهاب عليه، وكان معنى الحديث أنّ علياً عليه السلام حافظ العلم والحكمة، فلا يتطرّق إليهما ضياع ولا يخشى عليها ذهاب، فوصف علياً بأنّه حافظ العلم والحكمة، ويكفى علياً عليه السلام علوّاً في مقام العلم والفضيلة أن جعله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حافظاً للعلم والحكمة».(1)
(1) مطالب السئول: 61 ـ 62.