(10) دلالة الحديث على أن الامام خاتم الأولياء
قال المولوي حسن الزمان:
«تنبيه: ومن أحسن بيّنة على معنى ختم الأولياء: الحديث المشهور الصحيح الذي صحّحه جماعات من الأئمة:
منهم: أشدّ الناس مقالاً في الرجال سند المحدثين ابن معين، كما أسنده ووافقه الخطيب في تاريخه ـ وقد كان قال أوّلاً لا أصل له ـ .
ومنهم: الإمام الحافظ المنتقد المجتهد المستقل المجدد الجامع من العلوم ـ كما ذكره السيوطي، وابن حجر، والتاج السبكي، والذهبي، والنووي، عن الإمام الحافظ الخطيب البغدادي ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، ويؤيّده قول إمام الأئمة ابن خزيمة: ما أعلم على أديم الأرض أعلم من ابن جرير ـ في تهذيب الآثار، وقد قال الخطيب: لم أر مثله في معناه، كما نقل كلامه السيوطي في مسند علي من جمع الجوامع.
ومنهم: الحاكم.
ومن آخرهم: المجد الشيرازي شيخ ابن حجر، في نقد الصحيح، وأطنب في تحقيقه كما نقله الدهلوي في لمعات التنقيح.
واقتصر على تحسينه: العلائي، والزركشي، وابن حجر، في أقوام أخر، ردّاً على ابن الجوزي.
من قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أنا مدينة العلم وعلي بابها ولاتؤتى المدينة إلاّ من بابها، قال الله تعالى: (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها).
وهو أقوى شاهد لصحة رواية صحّحها الحاكم: فمن أراد العلم فليأت الباب.
وهذا مقام الختم من أنّه لا ولىّ بعده إلاّ وهو راجع إليه، آخذ من لديه، وإليه الاشارة بما في الحديث الصحيح المستفيض المشهور بل المتواتر، من الأمر بسدّ كلّ باب في المسجد إلاّ بابه، مستنداً إلى أمر الله تعالى بذلك، فهو سدّ كلّ باب من صاحب الشريعة إلاّ ما شاء في الطريقة إلى الحقيقة إلاّ بابه، فلا جرم قد انحصرت سلاسل الطريقة في باب المرتضى إلاّ ما ندر كخوخة الصديق أبي بكر، ويؤيّده الأحاديث الصحيحة المذكورة وغيرها المشهورة.
ومن هنا كان المرتضى مثل عيسى ـ على نبيّنا وكلّ الأنبياء الصلاة والسلام ـ في إفراط وتفريطهم فيه كما ورد، وقد استشهد ليلة رفع فيها عيسى كما ورد من طرق عن الامام الحسن بن علي في الخطبة، فإنّه خاتم الولاية العامة من آدم إلى آخر ولي.
والمرتضى كرّم الله وجهه خاتم الولاية الخاصة المحمدية الأكبر، فالمهدي الوارد فيه ـ عند الطبراني وجماعة: المهدي منّا أهل البيت يختم الدين به كما فتح بنا ـ وليّ آخر من العرب من أكرمها أصلاً، ويدا كان الشيخ الأكبر خاتم الولاية المحمدية الأصغر عاصره ولقيه ولقّبه خاتماً خاصاً في العالم غيره قبل تحققه برتبته وإن كان بشّر به النبي، ثم لمّا تحقّق حقّق».(1)
وحاصل هذا الكلام: إن حديث مدينة العلم من أحسن بيّنة على أن أمير المؤمنين عليه السلام خاتم الأولياء، وأنه ما من وليّ من الأولياء إلاّ وهو راجع إليه، آخذ من لديه، وهذا وجه آخر لدلالة حديث مدينة العلم على أفضليته فإمامته عليه السلام…
(1) القول المستحسن في فخر الحسن: 184.