إنكار فضائل أمير المؤمنين عليه السّلام
وهو بالإضافة إلى مناقشته في دلالات أحاديث مناقب أمير المؤمنين عليه السلام، فقد أنكر جملةً من الأحاديث والقضايا الواضحة الدلالة على أفضليّته عليه السّلام، ومنها ما هو من خصائصه التي لا يشاركه فيها أحد أصلا!
* فقد أنكر ولادة الإمام عليه السّلام في الكعبة المعظّمة، وهذه عبارته:
«المشهور بين الشيعة أنّ أمير المؤمنين وُلد في الكعبة، ولم يصحّحه علماء التواريخ، بل عند أهل التواريخ أنّ حكيم بن حزام وُلد في الكعبة ولم يولد فيها غيره»(1).
أقول:
ليس هذا مشهوراً بين الشيعة فحسب، بل هو مشهور عند الآخرين كذلك، بل الخبر به متواتر عندهم وكذا عند غيرهم كما نصّ عليه الحاكم النيسابوري(2).
* وأنكر أن تكون الراية يوم حنين بيد أمير المؤمنين عليه السّلام، وادّعى كونها بيد أبي بكر!
قال العلاّمة قدس سرّه: «وفي غزاة حنين حين استظهر النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بالكثرة، فخرج بعشرة آلاف من المسلمين، فعانهم أبو بكر وقال: لن نُغلب اليوم من قلّة; فانهزموا بأجمعهم…»(3).
فأجاب الفضل بقوله: «وأمّا ما ذكر من أمر حنين وأنّ أبا بكر عانهم، فهذا من أكاذيبه، وكيف يعين أبو بكر أصحاب رسول اللّه، وكان هو ذلك اليوم شيخ المهاجرين وصاحب رايتهم…»(4).
أقول:
هنا مطالب:
1 ـ إنّ أبا بكر قد عان المسلمين في ذلك اليوم، وإنّ ما ذكره العلاّمة موجود في غير واحد من التفاسير، بتفسير قوله تعالى: (وَيَوْمَ حُنَيْن إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ)(5)(6).
2 ـ إنّ الراية كانت بيد أبي بكر؟!… من قال هذا؟!
3 ـ بل إنّ من خصائص أمير المؤمنين عليه السّلام كون الراية بيده في جميع الحروب والغزوات، وهذا ما نصّ عليه غير واحد من أعلام أهل السُنّة(7).
فمن الكاذب إذاً؟!
* ومن خصائصه عليه السّلام أنّه أوّل من أسلم، وإليك عبارة الفضل في ذلك:
«ما ذُكر أنّ عليّاً أوّل الناس إسلاماً، فهذا أمر مختلف فيه، وأكثر العلماء على إنّ أوّل الناس إسلاماً هو خديجة، وقال بعضهم: أبو بكر، وقال بعضهم: زيد بن حارثة…»(8).
* وقال في آية التطهير: «أكثر المفسّرين على إنّ الآية نزلت في شأن الأزواج»(9).
أقول:
نصّ عبارة ابن حجر المكّي: «أكثر المفسّرين على إنّها نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين»(10).
* وقال في الآية (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ)(11):
«اختلف المفسرون في الآية نزلت في من؟ قال كثير منهم: نزلت في صهيب الرومي… وأكثر المفسّرين على إنّها نزلت في الزبير ابن العوّام ومقداد بن الأسود… .
ولو كان نازلا في شأن أمير المؤمنين عليّ… ليس هو بنصّ في إمامته»(12).
أقول:
فكثير من المفسّرين يقولون: «صهيب»، وأكثر المفسّرين يقولون: «الزبير والمقداد».
أمّا أمير المؤمنين «لو كان نازلا في شأنه…».
لكنّك تجد القول بنزول الآية المباركة في أمير المؤمنين عليه السّلام في ذيلها، لأنّه بات في مكان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ليلة الهجرة، في كثير من التفاسير المشهورة لأهل السُنّة، كتفاسير: الرازي والقرطبي والثعلبي وأبي حيّان الأندلسي والنيسابوري والآلوسي(13)، بل في شرح النهج عن أبي جعفر الإسكافي: «وقد روى المفسّرون كلّهم أنّ قول اللّه تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي)الآية: نزلت في عليٍّ ليلة المبيت على الفراش»(14).
وتجد الخبر بترجمة الإمام عليه السّلام، من تاريخ ابن عساكر وأُسد الغابة وتاريخ الخميس، وغيرها من كتب التواريخ والسير(15).
وتجده في باب الإيثار من كتاب إحياء علوم الدين للغزّالي 4 / 37.
وتجد الإيعاز إليه في حديث عمرو بن ميمون عن ابن عبّاس، المشتمل على الفضائل العشر، التي هي خصائص لأمير المؤمنين، والصحيح سنداً بالقطع واليقين، وهو في مسند أحمد بن حنبل 1 / 330 ـ 331، والخصائص ـ للنسائي ـ : 34 ح 23، والمستدرك على الصحيحين 3 / 143 ح 4652.
وأخرج الحاكم في المستدرك بسند ـ وافقه عليه الذهبي ـ عن عليّ بن الحسين عليه السّلام قال: «إنّ أوّل من شرى نفسه ابتغاء رضوان اللّه عليّ بن أبي طالب. وقال عليٌّ عند مبيته على فراش رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ]من الطويل[:
وقيتُ بنفسي خيرَ مَن وطىء الحَصا *** ومن طافَ بالبيتِ العتيقِ وبالحِجرِ
رسول إله خاف أن يمكروا به *** فنجّاه ذو الطول الإله من المَكرِ
وباتَ رسول اللّه في الغارِ آمناً *** موقّىً وفي حفظ الإله وفي سترِ
وبتُّ أُراعيهم ولم يتهَمُونني *** وقد وطّنتُ نفسي على القتلِ والأَسرِ»(16)
* وقال العلاّمة في أدلّة إمامة أمير المؤمنين عليه السّلام من الآيات الشريفة:
«الثامنة: قوله تعالى: (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي)(17)… .
روى الجمهور عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: انتهت الدعوة إليَّ وإلى عليّ، لم يسجد أحدنا لصنم قطّ، فاتّخذني نبيّاً واتّخذ عليّاً وصيّاً»(18).
فقال الفضل: «هذه الرواية ليست في كتب أهل السُنّة والجماعة…»(19).
أقول:
هذه الرواية رواها الحافظ ابن المغازلي في كتابه مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب بسند له عن ابن مسعود(20).
وقد استدلّ بها العلاّمة في كتابه منهاج الكرامة فلم ينكرها ابن تيميّة في ردّه عليه(21)، لكنّ الفضل ينكر أصل وجودها في كتبهم، وكأنّه هنا أشدّ تعصّباً من ابن تيميّة المعروف بالنصب!!
* وقال العلاّمة: «العاشرة: قوله تعالى: (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد)(22)… .
نقل الجمهور عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: أنا المنذر وعليٌّ الهادي، وبك يا عليّ يهتدي المهتدون»(23).
فقال الفضل: «ليس هذا في تفاسير أهل السُنّة، ولو صحّ دلّ على أنّ عليّاً هادي، وهو مسلّم; وكذا أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم هداة: لقوله: أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم. ولا دلالة فيه على النصّ»(24).
أقول:
وفي مثل هذا الموضع يمكن للباحث أن يطّلع على حال الفضل عقيدةً وعلماً وعدالةً!!
أمّا أوّلا: فلأنّه أنكر أن يكون تفسير «الهادي» في الآية المباركة في شيء من تفاسير السُنّة، مع إنّ الأقوال بذلك عندهم كثيرة، والروايات به معتبرة، فلاحظ:
مسند أحمد 1 / 126، تفسير الطبري 7 / 343 ح 20160 و 20161، المستدرك على الصحيحين 3 / 140 ح 4646، المعجم الصغير 1 / 261، مجمع الزوائد 7 / 41، تاريخ بغداد 12 / 372 رقم 6816، تاريخ دمشق 42 / 359، الدرّ المنثور 4 / 608، وغيرها(25).
ثمّ إنّ من رواته: ابن أبي حاتم، في تفسيره الخالي عن الموضوعات، كما ذكر ابن تيميّة(26)، وأيضاً فإنّ الهيثمي قال: رجال المسند ثقات(27)، وكذلك فقد صحّحه الحاكم، وأخرجه الضياء في المختارة، وبعض أسانيد ابن عساكر صحيح بلا كلام.
هذا، وقد رووا هذا الحديث عن جمع من الصحابة، منهم: عليٌّ عليه السّلام، عبداللّه بن العبّاس، عبداللّه بن مسعود، جابر بن عبداللّه، بريدة، سعد بن معاذ، أبو برزة الأسلمي… وغيرهم.
وأمّا ثانياً: فلأنّه ادّعى التساوي في الهداية بين «أمير المؤمنين» عليه الصلاة والسلام وبين سائر «أصحاب رسول اللّه» صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، على الإطلاق، وهذا ما لا يدّعيه أدنى الناس إنصافاً وأقلّهم عقلا.
وأمّا ثالثاً: فلأنّه عارض الأحاديث الواردة في تفسير الآية المباركة بحديث «أصحابي كالنجوم»، وهي معارضة باطلة لا يزعمها إلاّ جاهل أو متعصّب، وذلك لوجهين.
الأوّل: إنّ أحاديث تفسير الآية بأمير المؤمنين عليه السّلام متّفق عليها بين الطرفين، معتبرة عند الفريقين، كثيرة عدداً، وصحيحة سنداً… وحديث «أصحابي كالنجوم» خبر واحد انفرد به أهل السُنّة، ولا يكون حجّةً على الإماميّة حتّى لو كان صحيحاً سنداً عندهم.
والثاني: إنّ حديث «أصحابي كالنجوم» باطل موضوعٌ عند كبار أئمّة القوم، فهل يجهل الفضل ذلك أو يتجاهل؟!
قال أحمد بن حنبل: حديثٌ غيرُ صحيح(28).
وقال ابن حزم: خبر مكذوب، موضوع، باطل، لم يصحّ قطّ(29)وقال أبو حيّان: حديث موضوع، لا يصحّ بوجه عن رسول اللّه(30).
وقال ابن القيّم عن طرق الحديث: لا يثبت شيء منها… فهذا كلام لا يصحّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم(31).
وقال ابن الهمّام: حديث لم يُعرف(32).
وقال الشوكاني: فيه مقال معروف(33).
وأورده الألباني المعاصر في الأحاديث الموضوعة والضعيفة(34).
* وقال العلاّمة: «الثانية عشرة ـ قوله تعالى: (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ)(35)… روى الجمهور عن أبي سعيد الخدري، قال: ببغضهم عليّاً عليه السّلام»(36).
فقال الفضل: «ليس في تفسير أهل السُنّة. وإن صحّ دلّ على فضيلته لا نصّ على إمامته»(37).
أقول:
أليس كتاب الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور من تفاسير السُنّة، ومؤلّفه الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشافعي، صاحب المؤلّفات الكثيرة الشهيرة، رواه فيه بتفسير الآية عن غير واحد من أئمّة الحديث والتفسير(38)؟!
فإن كان الفضل جاهلا بهذا فما الذي يحمله على الإنكار إلاّ العناد لأهل بيت النبيّ الأطهار؟!
* وقال العلاّمة: «روى ابن عبدالبرّ وغيره من السُنّة في قوله تعالى: (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا)(39)، قال: إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم ليلة أُسري به جمع اللّه بينه وبين الأنبياء ثمّ قال له: سلهم يا محمّد على ماذا بُعثتم؟ قالوا: بُعثنا على شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، وعلى الإقرار بنبوّتك، والولاية لعليّ بن أبي طالب»(40).
فقال الفضل: «ليس هذا من رواية أهل السُنّة…»(41).
أقول:
وهذا الإنكار كسابقه.. ومن رواة هذا الخبر من أعلام السُنّة:
الحاكم النيسابوري، في كتاب معرفة علوم الحديث: 96.
أبو إسحاق الثعلبي، في تفسيره الكبير.
أبو نعيم الحافظ، في كتاب ما نزل في عليّ، كما ذكر غير واحد من الحفّاظ(42).
الديلمي، صاحب فردوس الأخبار(43).
والحافظ ابن حجر في زهرة الفردوس، كما ذكر ابن عَراق(44).
ورواه الحاكم الحسكاني، والخطيب الخوارزمي، وشيخ الإسلام الحمويني، والحافظ أبو عبداللّه الكنجي، وغيرهم(45).
رووه عن أمير المؤمنين، وعن عبداللّه بن مسعود، وابن عبّاس، وأبي هريرة… وبعض أسانيدهم صحيح بلا ريب… .
* وقال العلاّمة: «الثامنة عشرة ـ سورة (هَلْ أَتَى)(46).. روى الجمهور: إنّ الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول اللّه…»(47).
فقال الفضل: «ذكر بعض المفسّرين في شأن نزول السورة ما ذكره; ولكن أنكر على هذه الرواية كثير من المحدّثين وأهل التفسير، وتكلّموا في أنّه يجوز أن يبالغ الإنسان في الصدقة إلى هذا الحدّ، ويجوّع نفسه وأهله حتّى يشرف على الهلاك؟… وإن صحّ، الرواية لا تدلّ على النصّ كما علمته»(48).
أقول:
الرواة لنزول السورة في أهل البيت عليهم السّلام من السُنّة كثيرون جدّاً، ومنهم:
أبو جعفر الطبري، وابن عبدربّه القرطبي، وأبو القاسم الطبراني، والحاكم النيسابوري، وابن مردويه الأصبهاني، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو إسحاق الثعلبي، والحاكم الحسكاني، وابن المغازلي الشافعي، وأبو الحسن الواحدي، وأبو عبداللّه الحميدي، والبغوي، والزمخشري، والخوارزمي، وأبو موسى المديني، والفخر الرازي، وابن الأثير، وأبو عمرو ابن الصلاح، وابن طلحة الشافعي، والقاضي البيضاوي، والمحبّ الطبري، والنسفي، والحمويني، والخازن، والقاضي الإيجي، وابن حجر العسقلاني، والجلال السيوطي، وأبو السعود العمادي، والشوكاني، والآلوسي… وغيرهم من أئمّة الحديث والتفسير.
رووه عن: أمير المؤمنين عليه السّلام، وعن ابن عبّاس، وزيد ابن أرقم، وسعيد بن جبير، والأصبغ بن نباتة، وقنبر، والحسن، ومجاهد، وعطاء، وأبي صالح، وقتادة، والضحّاك… وغيرهم من الصحابة وأعلام التابعين، العلماء في علوم القرآن.
قال القرطبي: «وقال أهل التفسير: نزلت في عليّ وفاطمة…»(49).
وقال سبط ابن الجوزي: «قال علماء التأويل: فيهم نزل…»(50).
وقال الآلوسي: «والخبر مشهور»(51).
وكان هذا الخبر ممّا احتجّ به المأمون على علماء بغداد في أفضليّة عليّ وأهل البيت عليهم السّلام، في خبر طويل رواه ابن عبدربّه القرطبي الأندلسي(52)… .
وورد في أشعار السيّد الحميري وغيره في عداد فضائل الإمام عليٍّ عليه الصلاة والسلام(53).
وذكر غير واحد من العلماء: إنّ السوّال كانوا ملائكةً من عند ربّ العالمين، أراد بذلك اختبار أهل البيت عليهم السّلام(54).
وإذا كان هذا اختباراً من اللّه، وفضيلةً من فضائلهم عليهم السّلام عند قاطبة العلماء، فأيّ قيمة لقول من يقول بعدم جواز فعلهم؟!
وبه أسانيد معتبرة من طرقهم… .
فقول الفضل: «إن صحّ» ومناقشته في القضيّة ـ نقلا عن كثير من المحدّثين وأهل التفسير كما زعم ـ الظاهرة في تكذيبه للخبر أو تشكيكه، دليلٌ آخر على جهله أو تعصّبه!
وأمّا المناقشة المذكورة، فقد أجاب عنها علماؤنا… ويكفي في الردّ على الفضل ما قاله الشيخ المظفّر: كيف استشكل من جواز تلك الصدقة وهو قد ذكر في مبحث الحلول أنّ أبا يزيد البسطامي ترك شرب الماء سنة تأديباً لنفسه(55)، وعدّه منقبةً له(56)؟!
* وقال العلاّمة: «قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ)(57).. روى الجمهور عن ابن عبّاس، قال: لمّا نزلت هذه الآية قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: هم أنت يا عليّ وشيعتك…»(58).
فقال الفضل: «هذا غير مذكور في التفاسير، بل الظاهر العموم. وإن سُلم فلا نصّ»(59).
أقول:
أليس الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور من كتب التفاسير؟! رواه فيه عن ابن عديّ عن ابن عبّاس. وعن ابن مردويه عن عليّ عليه السّلام. وعن ابن عساكر عن جابر بن عبداللّه الأنصاري. وعن ابن عديّ وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري(60).
فهم يروونه عن جماعة من الأصحاب، بأسانيدهم، في الكتب قبل زمان الفضل وبعده… وابن مردويه ـ بالخصوص ـ من أشهر أئمّتهم في التفسير والحديث.
* وقال العلاّمة: «الرابعة والثلاثون ـ قوله تعالى: (وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ)(61).. أجمع المفسّرون وروى الجمهور أنّه عليٌّ عليه السّلام»(62).
فقال الفضل: «اتّفق المفسّرون أنّ المراد من صالح المؤمنين أبو بكر وعمر… وإن صحّ نزوله في أمير المؤمنين فلا شكّ أنّه صالح المؤمنين، ولكن لا يدلّ على النصّ المدّعى»(63).
أقول:
أخرجه الحافظ السيوطي في الدرّ المنثور عن ابن أبي حاتم عن عليّ عليه السّلام. وعن ابن مردويه وابن عساكر عن ابن عبّاس. وعن ابن مردويه عن أسماء بنت عميس(64).
ورواه الثعلبي في التفسير الكبير عن أسماء(65).
وكذا الحافظ أبو نعيم عنها، في كتابه في ما نزل في عليّ من القرآن(66).
ولعلّ العمدة هنا رواية ابن أبي حاتم هذا الخبر في تفسيره، فقد نصّ ابن تيميّة على إنّ تفسيره خال من الموضوعات كما مرّ بنا سابقاً.
هذا، بالاضافة إلى روايات أصحابنا الإمامية.. فيكون الخبر متّفقاً عليه بين الفريقين. فما الحامل للفضل على الإنكار؟!
* وقال العلاّمة: «الخامسة والثلاثون ـ قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي…)(67)… .
روى الجمهور عن أبي سعيد الخدري، أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم دعا الناس إلى عليّ عليه السلام في يوم غدير خمّ…»(68).
فقال الفضل: «… الذي ذكره من مفتريات الشيعة…»(69).
أقول:
وماذا تقول للفضل إذا علمت أنّ من رواة هذا الحديث ـ نزول الآية في أمير المؤمنين عليه السلام في يوم الغدير ـ من أهل السُنّة هم:
أبو جعفر الطبري… .
وأبو الحسن الدارقطني… .
وأبو حفص ابن شاهين، كما في شواهد التنزيل 1 / 156 ح 210… .
والحاكم النيسابوري، في المستدرك على الصحيحين 3 / 118 ح 4576… .
وابن مردويه الأصفهاني، كما في الدرّ المنثور 3 / 19… .
وأبو نعيم الأصفهاني… .
وأبو بكر البيهقي… .
والخطيب البغدادي، كما في تاريخ بغداد 8 / 290 رقم 4392… .
وأبو سعيد السجستاني… .
وابن المغازلي، كما في مناقب الإمام عليّ عليه السّلام: 69 ح 24… .
والحاكم الحسكاني، كما في شواهد التنزيل 1 / 156 ـ 160 ح 210 ـ 215… .
وأبو القاسم ابن السمرقندي… .
وأبو منصور الديلمي، كما في مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ـ للخوارزمي ـ : 135 ح 152… .
وابن عساكر الدمشقي، كما في تاريخ دمشق 42 / 237… .
وابن كثير الدمشقي، كما في البداية والنهاية 7 / 279… .
وجلال الدين السيوطي، كما في الدرّ المنثور 3 / 19(70).
وغيرهم من أئمّة الحديث والتفسير.. فكيف يقول: إنّه من مفتريات الشيعة؟!
* وقال العلاّمة: «السادسة والستّون ـ (وَأُوْلُو الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ)(71).. هو عليٌّ، لأنّه كان مؤمناً مهاجراً ذا رحم»(72).
فقال الفضل: «ظاهر الآية العموم، ولم يذكر المفسّرون تخصيصاً بأحد، ولو خصّ فلا دلالة له على النصّ، والاستدلال بأنّه مؤمن مهاجر ذو رحم لا يوجب التخصيص، لشمول الأوصاف المذكورة لغيره»(73).
أقول:
لماذا هذه المكابرة الواضحة الفاضحة؟!
أوّلا: البحث يدور بين أمير المؤمنين عليه السّلام وبين أبي بكر، والآية المباركة تثبت الأولوية لمن جمع الأوصاف الثلاثة، وأبو بكر غير جامع لها كما لا يخفى على الفضل، ولعلّه لذا قال: «لغيره» ولم يقل: أبو بكر.
وثانياً: وإذا كان «الغير» ليس ابن أبي قحافة، فمن يقصد الفضل به؟!
ثمّ لماذا يدّعي الحبّ لأمير المؤمنين عليه السّلام ويسعى لإنكار فضائله ومناقبه حتّى بالأكاذيب والأباطيل؟!
* وقال العلاّمة: «وأمّا السُنّة، فالأخبار المتواترة عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم الدالّة على إمامته، وهي أكثر من أن تحصى، وقد صنّف الجمهور وأصحابنا في ذلك وأكثروا»(74).
فقال الفضل: «وأمّا ما ذكر من أنّ الأخبار متواترة عن النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم على إمامة عليّ، فنسأله أوّلا عن معنى التواتر؟!
فإن قال: أن يبلغ عدد الرواة حدّاً لا يمكن للعقل أن يحكم بتواطئهم على الكذب.
فنقول: اتّفق جميع المحدّثين أنّه ليس لنا حديث متواتر إلاّ قوله صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم: من كذب علَيَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار.
فهذا الحديث في كلّ عصر رواه جماعة، يحكم العقل على امتناع تواطئهم على الكذب. وبعضهم ألحق حديث: «البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر» بالتواتر.
فكيف هذا الرجل الجاهل بالحديث والأخبار، بل بكلّ شيء حتّى إنّي ندمت من معارضة كتابه وخرافاته بالجواب، لسقوطه عن مرتبة المعارضة، لانحطاط درجته في سائر العلوم، معقولها ومنقولها، أُصولها وفروعها، ولكن ابتليت بهذا مرّة فصبرت…»(75).
أقول:
يقال لهذا الشيخ العالم بالحديث والأخبار، بل بكلّ شيء!! وبغضّ النظر عمّا ادّعاه من الاتّفاق على انحصار التواتر بما ذكره: من أين لك القطع بأنّ العلاّمة كان يقصد من «التواتر» خصوص التواتر «اللفظي»؟!
أليس التواتر ينقسم إلى: «لفظي» و«معنوي» و«إجمالي»؟!
لماذا هذا التهجّم وهذه السباب والشتائم؟!
فما الذي قاله العلاّمة حتّى استحقّ كلّ ذلك وأمثاله، بل الأشدّ والأقبح منه، كما ذكرنا في فصل «السباب والشتائم»؟! هذا أوّلا… .
وثانياً: فإنّ جملةً من الأخبار الدالة على إمامته متواترة يقيناً، وقد أقرّ كبار علماء القوم بذلك، وابن روزبهان جاهل أو يتجاهل لتعصّبه!
وسنذكر مناقشات الفضل في بعض استدلالات العلاّمة من السُنّة، ليرى الباحث المنصف مدى التزام الرجل بالآداب الدينية ورعايته لجانب الصدق والإنصاف، وليجد الفرق الواضح بين طريقة العلاّمة وعلماء الإمامية، وبين طريقة الفضل وعلماء العامة في النظر والبحث والاستدلال.
* قال العلاّمة: «الثاني: من مسند أحمد ـ : «لمّا نزل (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ)(76) جمع النبيّ صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم من أهل بيته ثلاثين، فأكلوا وشربوا ثلاثاً، ثمّ قال لهم: من يضمن عنّي دَيني ومواعيدي ويكون خليفتي ويكون معي في الجنّة؟ فقال عليٌّ: أنا. فقال: أنت…»(77).
فقال الفضل: «هذا الحديث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات في قصّة طويلة، وليس فيه (ويكون خليفتي)، وهذا من وضعه أو من وضع مشايخه من شيوخ الرفض وأهل التهمة والافتراء.
وفي مسند أحمد بن حنبل: (ويكون خليفتي) غير موجود، بل هو من إلحاقات الرفضة.
وهذان الكتابان اليوم موجودان، وهم لا يبالون من خجلة الكذب والافتراء…»(78).
أقول:
ماذا لو وجد الباحث «ويكون خليفتي» في «مسند أحمد»؟! وماذا لو وجد في الموضوعات حديثين في أوّلهما «وخليفتي من أهلي» وفي الثاني «وخليفتي في أهلي»؟! هل يبالي الفضل وأمثاله من خجلة الكذب؟! وهل يبقى مناص لهم من قبول الحديث ودلالته على الإمامة والخلافة لأمير المؤمنين بعد النبيّ بلا فصل؟! وهل يبقى لهم من عذر في القول بإمامة غيره؟!
ولفظ الحديث في مسند أحمد كما يلي:
«عن الأسود بن عامر، عن شريك، عن الأعمش، عن المنهال، عن عبّاد بن عبداللّه الأسدي، عن عليٍّ رضى اللّه عنه، قال: لمّا نزلت هذه الآية: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ) قال: جمع النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من أهل بيته، فاجتمع ثلاثون، فأكلوا وشربوا; قال: فقال لهم: من يضمن عنّي ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنّة، ويكون خليفتي في أهلي؟
فقال رجل ـ لم يسمّه شريك ـ : يا رسول اللّه! أنت كنت بحراً، مَن يقوم بهذا؟!
قال: ثمّ قال الآخر… .
قال: فعرض ذلك على أهل بيته.
فقال عليٌّ رضي اللّه عنه: أنا»(79).
أقول:
ولو كان ثمّة إلحاقٌ فهو في كلمة «في أهلي»، فإنّها وإن كانت لا تضرّ بالاستدلال; لعدم الفرق بين أهله وغيرهم من المسلمين، إلاّ أنّها غير موجودة في بعض المصادر… .
وفي بعضها الآخر كلمة «فيكم» بدل «في أهلي».. روى ذلك ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي، قال صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم: «يا بني عبد المطّلب! إنّي واللّه ما أعلم شابّاً في العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني اللّه أن أدعوكم إليه; فأيّكم يؤازرني على أمري هذا؟
]قال عليٌّ[: فقلت ـ وأنا أحدثهم سنّاً، وأرمصهم عيناً، وأعظمهم بطناً، وأحمشهم ساقاً ـ : أنا يا نبيّ اللّه أكون وزيرك عليه.
فأخذ برقبتي فقال: إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا!
فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع وتطيع لعليّ»(80).
وفي تفسير البغوي بعد: فأيّكم يؤازرني على أمري هذا: «ويكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم»(81).
وفي لفظ ابن مردويه: «من يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووليّكم من بعدي»(82).
وفي لفظ آخرجه أحمد وابن جرير والضياء المقدسي: «فأيّكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي؟»(83).
وليس هذا الحديث في مسند أحمد فقط… فقد أخرجه باللفظ المذكور:
1 ـ أبو جعفر الطبري وصحّحه، تاريخ الطبري 1 / 543… .
2 ـ أبو جعفر الطحاوي… .
3 ـ الضّياء المقدسي في كتاب المختارة الذي التزم فيه بالصحّة(84)، وربّما قدّمه بعضهم على بعض الكتب المعتبرة المشهورة… .
4 ـ ابن أبي حاتم، الذي نصّ ابن تيميّة على إنّه لا يروي في تفسيره شيئاً من الموضوعات(85).
5 ـ أبو بكر ابن مردويه الأصبهاني… .
6 ـ أبو نعيم الأصفهاني… .
7 ـ أبو بكر البيهقي، في دلائل النبوّة 2 / 179… .
8 ـ ابن الأثير الجزري، في الكامل في التاريخ 1 / 585 ـ 586… .
9 ـ الشيخ علي المتّقي الهندي، في كنز العمّال 13 / 131 ح 36419 و ص 174 ح 36520… .
فهؤلاء جملة من رواة هذا الحديث العظيم، الذي هو نصّ في إمامة الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، وإن رغمت أُنوف النواصب اللئام.
ومن أعجب العجب أن يكذب الفضل ويفتري على العلاّمة الكذب!
* وقال العلاّمة: «السادس ـ في مسند أحمد وفي الجمع بين الصحاح الستّة ما معناه: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم بعث براءة مع أبي بكر إلى أهل مكّة، فلمّا بلغ ذا الحليفة بعث إليه عليّاً فردّه، فرجع أبو بكر إلى النبيّ صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم فقال: يا رسول اللّه! أنزل فيَّ شيء؟! قال: لا، ولكنّ جبرائيل جاءني وقال: لا يؤدّي عنك إلاّ أنت أو رجل منك»(86).
فذكر الفضل الخبر بنحو آخر بلا ذِكر مصدر، ثمّ قال: «هذا حقيقة الخبر، وليس فيه دلالة على نصّ، ولا قدح في أبي بكر. وأمّا ما ذكر أنّ رسول اللّه قال: لا، ولكنّ جبرائيل أتاني… فهذا من ملحقاته وليس في أصل الحديث هذا الكلام»(87).
أقول:
أوّلا: إنّ العلاّمة رحمه اللّه ذكر مصدر حديثه، والفضل لم يذكر لِما ذكره مصدراً، وإن دقّقت فيه النظر وجدته مختلَقاً موضوعاً!
وثانياً: الجملة المذكورة موجودة في مسند أحمد بنصّ الحديث، وهذا لفظه:
«عن عليٍّ، قال: لمّا نزلت عشر آيات من براءة على النبيّ، دعا النبيّ أبا بكر فبعثه بها ليقرأها على أهل مكّة، ثمّ دعاني النبيّ فقال لي: أدرك أبا بكر، فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه فاذهب به إلى أهل مكّة فاقرأه عليهم; فلحقته بالجحفة، فأخذت الكتاب منه، ورجع أبو بكر إلى النبيّ فقال: يا رسول اللّه، نزل فيَّ شيء؟!
قال: لا، ولكنّ جبريل جاءني فقال: لن يؤدّي عنك إلاّ أنت أو رجل منك»(88).
فانظر من الكاذب المختلق؟!
* وقال العلاّمة: «روى الخوارزمي عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم: عليٌّ يوم القيامة على الحوض، لا يدخل الجنّة إلاّ من جاء بجواز من عليّ»(89).
فقال الفضل: «من ضروريات الدين أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم صاحب الحوض المورود والشفاعة العظمى والمقام المحمود يوم القيامة. وأمّا أنّ عليّاً صاحب الحوض فهو من مخترعات الشيعة، ولم يرد به نقل صحيح. وهذا الرجل الذي ينقل كلّ مطالبه من كتب أصحابنا لم ينقل هذا منهم، وذلك لأنّه لم يصحّ فيه نقل عندنا…»(90).
أقول:
إنّما ينقل العلاّمة الأحاديث من كتاب أو كتابين من كتب أهل السُنّة ولم يكن يقصد الاستيعاب والاستقصاء، وإنّما مراده بيان أنّ مناقب الإمام عليه السلام متّفق عليها بين الطرفين.
وهذا الحديث رواه من كتاب الخوارزمي(91)، وهو من علماء أهل السُنّة كما ذكرنا في فصل «الطعن في علماء السُنّة».
ومن رواته أيضاً:
1 ـ أحمد بن حنبل، كما في الصواعق المحرقة: 265.
2 ـ أبو القاسم الطبراني، كما في الصواعق المحرقة: 265.
3 ـ أبو عبداللّه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين 3 / 148 ح 4669 وصحّحه.
4 ـ ابن حجر المكّي، في الصواعق المحرقة: 265.
5 ـ علي المتّقي الهندي، في كنز العمّال 13 / 145 ح 36455 و ص 157 ح 36484.
فاقرأ واحكم من الكذّاب المفتري!!
أقول:
وبهذا القدر ممّن ذكرتُه كفايةٌ.. وقد قال الشيخ المظفّر ـ في بيان موقف القوم من فضائل أمير المؤمنين عليه السّلام المخرجّة في كتبهم، وما يروونه فضيلة لغيره ـ : «… ولذا لا يروون له عليه السلام فضيلة إلاّ وطعنوا مهما أمكن بسندها أو دلالتها، ولا تنشرح نفوسهم لها، بخلاف ما إذا رووا فضيلة لغيره! ولا بُدّ أن يظهر اللّه مخفيّات سرائرهم على صفحات أرقامهم وطفحات أقلامهم، كما رأيته من هذا الرجل في كثير من كلماته»(92).
أقول:
خصوصاً في ما رووه بفضل عمر! فقد ذكر ابن روزبهان: «وكان عمر من المحدَّثين، وكان وزير رسول اللّه»(93).. «وكيف يصحّ لأحد أن يطعن في علم عمر؟! وقد شاركه النبيّ في علمه، كما ورد في الصحاح عن ابن عمر، قال: سمعت رسول اللّه يقول: بينا أنا نائم أُتيتُ بقدح لبن فشربت…»(94).
بل قال: «فضائله لا تعدّ ولا تحصى»(95)!
والأعجب من ذلك محاولة إلزام الإمامية بما رواه قومه في حقّ الآخرين، خصوصاً عمر!! يقول: «روي في الصحاح عن سعد بن أبي وقّاص، قال: استأذن عمر بن الخطّاب على رسول اللّه وعنده نسوة من قريش تكلّمنه، عاليةً أصواتهنّ… فقلن: نعم، أنت أفظّ وأغلظ. فقال رسول اللّه: يابن الخطّاب! والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان سالكاً فجّاً إلاّ سلك غير فجّك»(96).
فقال ابن روزبهان: «هذا حديث نقله جمهور أرباب الصحاح، ولا شكّ في صحّته لأحد، وهذا حجّة على الروافض حيث يقولون: إنّ بيعة أبي بكر كانت باختيار عمر بن الخطّاب; فإنّه لو صحّ ما ذكروا أنّه باختياره فهو حقّ لا شكّ فيه، بدليل هذا الحديث، لأنّه سلك فجّاً يسلك الشيطان فجّاً غيره…».
قال: «وهذا من الإلزاميات العجيبة التي ليس لهم جواب عن هذا ألبتّة»(97).
قلت:
إي واللّه، إلزام الإمامية بما لا يروونه ولا يرون صحّته، من الإلزاميات العجيبة!!
وبقيت هنا عدّة نقاط… .
الأُولى: إنّ هذا الرجل يحاول تنزيل بعض الفضائل الصحيحة الثابتة لأمير المؤمنين عليه السلام على حقّيّة خلافة المشايخ، فقد قال في حديث: «عليٌّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ»: «هذا دليل على حقّيّة الخلفاء، لأنّ الحقّ كان مع عليّ، وعليّ كان معهم، حيث تابعهم وناصحهم، فثبت من هذا خلافة الخلفاء»(98).
الثانية: إنّه يحاول الجمع بين حبّ عليّ وأهل البيت عليهم السلام، وبين حبّ الشيخين وعموم الصحابة; فهو يقول في موضع من كتابه، في حبّ الإمام عليه السّلام: «الحمد للّه الذي جعلنا من أهل محبّته، وملأ قلوبنا من صفو مودّته»(99).. ثمّ يقول في موضع آخر: «الروافض لا يحكمون بالمحبّة إلاّ بمثالب الغير»(100)… .
ويقول في موضع ثالث: «كلّ ما نقل من فضائله وفضائل أهل بيت النبيّ ما لم يكن سبباً إلى الطعن في أفاضل الصحابة. فنتسلّمه ونوافقه فيه، لأنّ فضائلهم لا تحصى، ولا ينكره إلاّ منكر نور الشمس والقمر… .
فإنّ أهل السُنّة يعملون بكلّ حديث وخبر صحيح بشرائطها، ولكن كما صحّ عندهم الأحاديث الدالّة على فضل عليّ بن أبي طالب وأهل بيت رسول اللّه، كذلك صحّ عندهم الأحاديث الدالّة على فضائل الخلفاء الراشدين، فهم يجمعون بين الأحاديث الصحاح وينزلون كلاًّ منزله الذي أنزله اللّه، ولا ينقصون أحداً ممّن صحّ فيه هذا الحديث.
والشيعة ينقلون الأحاديث من كتب أصحابنا ممّا يتعلّق بفضائل أهل البيت، ويسكتون عن فضائل الخلفاء وأكابر الصحابة، ليتمشّى لهم الطعن والقدح، وهذا غاية الخيانة في الدين، وأيّة البعض الآخر ممّا يتعلّق بعين ذلك الشيء، ليتمشّى به مذهبه ومعتقده؟! ونعوذ باللّه من هذه العقائد الفاسدة»(101).
بل إنّه يرى في كلام آخر له أنّ التشكيك في فضائل أكابر الصحابة ـ كالخلفاء ـ ينافي الإيمان، وهذه عبارته:
«لا يشكّ مؤمن في فضائل عليّ بن أبي طالب، ولا في فضائل أكابر الصحابة كالخلفاء»(102).
فأوّلا: إنّه يشترط في قبول الخبر الصحيح الوارد عندهم في فضل أمير المؤمنين عليه السلام أن لا يكون سبباً إلى الطعن في من تقدّم عليه في الخلافة، وإلاّ فالخبر غير مقبول; هذا كلامه.
وأيّ خبر في فضله عليه السلام لا يكون سبباً في القدح في القوم وإبطال تقدّمهم عليه؟!
وثانياً: إنّه في الوقت الذي لا يروي في كتابه روايةً واحدة من كتب الإمامية ليستدلّ بها على العلاّمة الحلّي أو يلزمه بها، يريد من الإماميّة قبول كلّ ما ورد في كتب قومه في فضل الصحابة، بل يقول إنّ التشكيك في ذلك مناف للإيمان!
وثالثاً: إنّه لم يرو في كتابه رواية مسندةً ـ ولا واحدة ـ عن شيء من كتب قومه، فكأنّه لم يكن له إلمام بعلوم الحديث والأسانيد والرجال، ومع ذلك يدّعي صحّة ما رووه في حقّ الصحابة!
ورابعاً: إنّه ينصّ هنا على التسليم بما صحَّ في فضل عليّ عليه السلام، ولكنّه في كثير من الموارد التي يستدلّ العلاّمة الحلّي فيها بالأحاديث الصحاح يكذّب بالحديث أو يشكّك في صحّته، تبعاً لابن تيميّة وإن لم يصرّح باسمه والأخذ منه!
وخامساً: إذا كان يدّعي حبّ عليّ عليه السّلام، وكان صادقاً بحمد اللّه على ذلك، فما باله قد والى أشدّ أعدائه وأكبر مبغضيه كمعاوية وابن العاص ومروان وأشباههم، ولم يحكم عليهم بالنفاق، مع اتّضاح حالهم في بغض الإمام واستمرارهم على عداوته وسبّه; كما قال الشيخ المظفّر؟!
وسادساً: إنّه يتّهم الإمامية بالخيانة، وكأنّه يجهل أدنى شرائط البحث والجدل!
وقد كرّر هذا الرجل أمثال هذه الكلمات، مع افتراءات وأباطيل أُخرى، فمثلا: يقول في موضع: «والعجب، إنّ هذا الرجل لا ينقل حديثاً إلاّ من جماعة أهل السُنّة، لأنّ الشيعة ليس لهم كتاب ولا رواة ولا علماء مجتهدون مستخرجون للأخبار، فهو في إثبات ما يدّعيه عيال على كتب أهل السُنّة، فإذا صار كذلك، فلم لا يروي عن كتب الصحاح؟!…»(103).
يقول هذا، وكأنّه يجهل أنّ ما يصنعه العلاّمة الحلّي هو الصواب في مقام المناظرة! ويدّعي مع ذلك أن لا كتاب للشيعة ولا علماء، وأنّهم في إثبات إمامة أمير المؤمنين وإبطال خلافة من تقدّم عليه عيال على أهل السُنّة!
لكنّه في موضع آخر يعترف بوجود كتب للشيعة، غير إنّه يرميها بأنّها من موضوعات يهودي!! فيقول: «وصحاحنا ليس ككتب الشيعة التي اشتهر عند السُنّة أنّها موضوعات يهودي كان يريد تخريب بناء الإسلام، فعملها وجعلها وديعةً عند الإمام جعفر الصادق، فلمّا توفّي حسب الناس أنّه من كلامه، واللّه أعلم بحقيقة هذا الكلام، وهذا من المشهورات، ومع هذا لا ثقة لأهل السُنّة بالمشهورات، بل لابُدّ من الإسناد الصحيح حتّى تصحّ الرواية.
وأمّا صحاحنا، فقد اتّفق العلماء أنّ كلّ ما عُدّ من الصحاح ـ سوى التعليقات في الصحاح الستّة ـ لو حُلف بالطلاق أنّه من قول رسول اللّه أو من فعله وتقريره، لم يقع الطلاق، ولم يحنث»(104).
فانظر، كيف يتجاسر على الإمام الصادق عليه السلام، وعلى عامّة الإمامية، ثمّ يحاول الخروج من عهدة ذلك!!
الثالثة: لقد قال في كلٍّ من عليٍّ وأبي بكر وعمر: «له فضائل لا تُعدّ ولا تحصى»… .
هل هذا صحيح؟
ثمّ من الأفضل؟!
وهل تقديم المفضول على الفاضل جائز أو قبيح؟!
لا يخفى أنّ العلاّمة الحلّي رحمه اللّه استدلّ لإمامة أمير المؤمنين عليه السلام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بالنقل والعقل… .
أمّا النقل، فالكتاب ونصوص السُنّة الصحيحة عند القوم والمعتبرة عند الفريقين… .
وأمّا العقل، فبأفضلية أمير المؤمنين، وأنّ الأفضل هو الإمام.
وقد أجاب ابن روزبهان عن الأدلّة النقلية بأنّها ليست بنصّ على الإمامة، وأمّا عن الوجوه العقلية فقد صرّح قائلا: «إمامة المفضول عندنا جائزة»(105).
وهذا من أهمّ مواضع المقارنة بين آراء ابن روزبهان وآراء ابن تيميّة، فإنّه على شدّة نصبه وعداوته لأمير المؤمنين عليه السّلام، ينصّ في غير موضع من كتابه منهاج السُنّة ـ كغيره من أعلام القوم ـ على عدم جواز تولية المفضول مع وجود الفاضل(106).
أمّا ابن روزبهان فيجوّز ذلك، بل يدّعي كونه مذهب أهل السُنّة إن كان مراده من قوله: «عندنا» ذلك ـ ، ليتمكّن من تبرير إمامة أبي بكر بعد رسول اللّه!
وهكذا، فقد وجدنا ابن روزبهان ـ في مواضع من كتابه ـ أشدّ عداءً لأمير المؤمنين من ابن تيميّة… .
فمثلا: لمّا استدلّ العلاّمة في كتابه منهاج الكرامة بقوله تعالى: (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً)(107) وذكر الرواية الواردة في ذيلها عن طريق الفقيه ابن المغازلي الواسطي الشافعي(108)، لم يكذّب ابن تيميّة تلك الرواية، وإنّما طالب بصحّتها(109)!
أمّا ابن روزبهان فيقول: «هذه الرواية ليست من كتب أهل السُنّة والجماعة، ولا أحد من المفسّرين ذكر هذا»(110).. بل قد تكلّم في ابن المغازلي وطعن فيه كما تقدّم.
ووجدنا إقرار ابن تيميّة بحكم عمر برجم الحامل والمجنونة(111)، وابن روزبهان يكذّب أو يشكّك في الخبر كما تقدّم.
هذا، وقد كان في النيّة أن نقارن بين ابن روزبهان وبين ابن تيميّة وكتابيهما في الردّ على العلاّمة الحلّي، ولكنّا تركنا ذلك إلى مجال آخر خوفاً من الإطالة.
والحمدللّه أوّلا وآخراً، وصلّى اللّه على سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين وسلّم تسليماً كثيراً.
(1) دلائل الصدق 2 / 507.
(2) المستدرك على الصحيحين 3 / 550 ذ ح 6044.
(3) نهج الحقّ: 251، وانظر: دلائل الصدق 2 / 549.
(4) دلائل الصدق 2 / 551.
(5) سورة التوبة 9 : 25.
(6) راجع منها مثلا: الكشّاف 2 / 182، تفسير الرازي 16 / 23.
(7) انظر: الاستيعاب 3 / 1090 رقم 1855، أُسد الغابة 3 / 594 رقم 3783، فرائد السمطين 1 / 362 ح 289.
(8) دلائل الصدق 2 / 511.
(9) دلائل الصدق 2 / 103.
(10) الصواعق المحرقة: 220.
(11) سورة البقرة 2 : 207.
(12) دلائل الصدق 2 / 127 ـ 128.
(13) تفسسير الفخر الرازي 5 / 222، تفسير القرطبي 3 / 16، البحر المحيط 2 / 118، روح المعاني 2 / 146، وانظر: أُسد الغابة 3 / 600 رقم 3783، وكفاية الطالب: 239 كلاهما نقلا عن الثعلبي.
(14) شرح نهج البلاغة 13 / 261.
(15) تاريخ دمشق 42 / 67، أُسد الغابة 3 / 600 رقم 3783، تاريخ الخميس 1 / 325، تاريخ الطبري 1 / 567، الطبقات الكبرى 1 / 176، تاريخ اليعقوبي 1 / 358، السيرة النبوية ـ لابن هشام ـ 3 / 8، السيرة الحلبية 2 / 191.
(16) المستدرك على الصحيحين 3 / 5 ح 4264.
(17) سورة البقرة 2 : 124.
(18) نهج الحقّ: 179 ـ 180، وانظر: دلائل الصدق 2 / 139.
(19) دلائل الصدق 2 / 139.
(20) مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: 239 ح 322.
(21) انظر: منهاج السُنّة 7 / 132.
(22) سورة الرعد 13 : 7.
(23) نهج الحقّ: 180، وانظر: دلائل الصدق 2 / 145.
(24) دلائل الصدق 2 / 145.
(25) انظر مثلا: تفسير الحبري: 281، شواهد التنزيل 1 / 293 ـ 303 ح 398 ـ 416، فرائد السمطين 1 / 148 ح 111 و 112، تفسير ابن كثير 2 / 483، جامع الأحاديث ـ للسيوطي ـ 3 / 281 ح 8644، كنز العمّال 11 / 620 ح 33012، ينابيع المودّة 1 / 296 ـ 297.
وراجع ما فصّلناه حول الآية في الجزء الثاني من كتابنا «تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات»، ص 140 ـ 182.
(26) منهاج السُنّة 7 / 13.
(27) مجمع الزوائد 7 / 41.
(28) التيسير في شرح التحرير 3 / 243.
(29) رسائل ابن حزم 3 / 96، وانظر: البحر المحيط ـ لأبي حيّان ـ 5 / 528.
(30) البحر المحيط 5 / 528.
(31) إعلام الموقّعين 2 / 242.
(32) التحرير في أُصول الفقه ـ بشرح أمير بادشاه ـ 3 / 243.
(33) إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأُصول: 127.
(34) سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1 / 78.
(35) سورة محمّد 47 : 30.
(36) نهج الحقّ: 181، وانظر: دلائل الصدق 2 / 153.
(37) دلائل الصدق 2 / 154.
(38) الدرّ المنثور 7 / 504.
(39) سورة الزخرف 43 : 45.
(40) نهج الحقّ: 183، وانظر: دلائل الصدق 2 / 167.
(41) دلائل الصدق 2 / 167.
(42) انظر: ينابيع المودّة 1 / 243 ح 19 و ج 2 / 246 ح 692، تنزيه الشريعة المرفوعة ـ لابن عَراق ـ 1 / 397 ح 147.
(43) انظر: ينابيع المودّة 1 / 224 ذ ح 19.
(44) تنزيه الشريعة المرفوعة 1 / 397 ح 147.
(45) شواهد التنزيل 2 / 156 ـ 158 ح 855 ـ 858، مناقب الإمام عليّ عليه السّلام: 312 ح 312، فرائد السمطين 1 / 81 ح 62، كفاية الطالب: 75، تاريخ دمشق 42 / 241.
(46) سورة الإنسان (الدهر) 76 : 1.
(47) نهج الحقّ: 184، وانظر: دلائل الصدق 2 / 172.
(48) دلائل الصدق 2 / 173.
(49) تفسير القرطبي 19 / 85.
(50) تذكرة خواصّ الأُمّة: 281.
(51) روح المعاني 29 / 270.
(52) العقد الفريد 4 / 77.
(53) انظر: شواهد التنزيل 2 / 415 الهامش.
(54) تفسير النيسابوري ـ هامش تفسير الطبري ـ 29 / 112، كفاية الطالب، 348 عن الحافظ أبي عمرو ابن الصلاح وشيخ الحرم بشير التبريزي وغيرهما.
(55) دلائل الصدق 1 / 246.
(56) دلائل الصدق 2 / 177.
(57) سورة البيّنة 98 : 7.
(58) نهج الحقّ: 189، وانظر: دلائل الصدق 2 / 210.
(59) دلائل الصدق 2 / 210.
(60) الدرّ المنثور 8 / 589.
(61) سورة التحريم 66 : 4.
(62) نهج الحقّ: 191ـ192، وانظر: دلائل الصدق 2 / 227.
(63) دلائل الصدق 2 / 228.
(64) الدرّ المنثور 8 / 224.
(65) كما في: مطالب السؤول: 81، وينابيع المودّة 1 / 278 ح 2.
(66) انظر: ينابيع المودّة 1 / 278 ح 2.
(67) سورة المائدة 5 : 3.
(68) نهج الحقّ: 192، وانظر: دلائل الصدق 2 / 231.
(69) دلائل الصدق 2 / 232.
(70) وللتفصيل راجع كتاب: تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات 2 / 267 ـ 290.
(71) سورة الأحزاب 33 : 6.
(72) نهج الحقّ: 203، وانظر: دلائل الصدق 2 / 287.
(73) دلائل الصدق 2 / 287.
(74) نهج الحقّ: 212، وانظر: دلائل الصدق 2 / 249.
(75) دلائل الصدق 2 / 350.
(76) سورة الشعراء 26 : 214.
(77) نهج الحقّ: 213، وانظر: دلائل الصدق 2 / 359.
(78) دلائل الصدق 2 / 359.
(79) مسند أحمد 1 / 111.
(80) كنز العمّال 13 / 131 ـ 133 ح 36419.
(81) تفسير البغوي 3 / 342.
(82) كنز العمّال 13 / 149 ح 36465.
(83) كنز العمّال 13 / 174 ح 36520.
(84) تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي 1 / 144.
(85) منهاج السُنّة 7 / 13.
(86) نهج الحقّ: 215، وانظر: دلائل الصدق 2 / 379.
(87) دلائل الصدق 2 / 380.
(88) مسند أحمد 1 / 151.
(89) نهج الحقّ: 261، وانظر: دلائل الصدق 2 / 587.
(90) دلائل الصدق 2 / 588.
(91) مناقب الإمام عليّ عليه السّلام: 319 ح 324.
(92) دلائل الصدق 2 / 566.
(93) دلائل الصدق 3 / 123.
(94) دلائل الصدق 3 / 130.
(95) دلائل الصدق 3 / 85.
(96) دلائل الصدق 3 / 84.
(97) دلائل الصدق 3 / 85.
(98) دلائل الصدق 2 / 468.
(99) دلائل الصدق 2 / 427.
(100) دلائل الصدق 2 / 565.
(101) دلائل الصدق 2 / 588.
(102) دلائل الصدق 2 / 498.
(103) دلائل الصدق 2 / 351.
(104) دلائل الصدق 2 / 590.
(105) دلائل الصدق 3 / 463.
(106) منهاج السُنّة 7 / 134 و ج 8 / 228.
(107) سورة البقرة 2 : 124.
(108) منهاج الكرامة: 125 طبعة إيران، وانظر: مناقب الإمام عليّ عليه السّلام: 239 ح 322، دلائل الصدق 2 / 139.
(109) منهاج السُنّة 7 / 133.
(110) دلائل الصدق 2 / 139.
(111) منهاج السُنّة 6 / 41 و 45.