2 ـ إنّ القول بنزولها في حق علي للثعلبي فقط و هو متفرّد به:
والجواب: إنّ هذا لا يصدر إلاّ من متعصّب شقي أو جاهل غبي، وهو عبدالعزيز الدهلوي، الملقّب عندهم بـ«علاّمة الهند»!! فإنّ لهذا الرجل في هذا المقطع من كلامه كذبات مفضوحة، منها:
1 ـ إنّ هذا القول للثعلبي فقط وهو متفرّد به.
فالثعلبي وفاته سنة 427، وقد روى الخبر قبله عدد كبير من الأئمّة، ذكرنا أسماءهم في الفصل الأوّل، بل عليه إجماع المفسّرين، كما عرفت.
2 ـ إنّ المحدّثين يلقّبونه بـ(حاطب ليل).
فالمحدّثون لم يلقّبوه بهذا اللّقب، بل الذي لقّبه بذلك هو ابن تيميّة في منهاج السُنّة، عند إنكار فضائل عليّ وأهل البيت عليهم السلام.
3 ـ أكثر روايات الثعلبي في التفسير عن الكلبي عن أبي صالح، وهي أوهى ما يروى في التفسير عندهم.
فقد حقّقنا في بعض بحوثنا أنّ روايات الكلبي في التفسير مخرَّجة في غير واحد من الصحاح، وأنّ رواياتهم عن الكلبي عن أبي صالح موجودة بكثرة في الكتب المعروفة المشتهرة، وليست أوهى ما يروى في التفسير عند جمهور علمائهم.
وبعد، فإنّ رواية الثعلبي نزول الآية المباركة في حقّ أمير المؤمنين عليه السلام، المتقدّمة في الفصل الأوّل، ليست عن الكلبي ولا عن أبي صالح، ولا عن السدّي الكبير أو الصغير!!
هذا، وأمّا وجود الرطب واليابس في تفسير الثعلبي فأمر ثابت، وكذلك سائر تفاسير القوم وأسفارهم الحديثية، حتى الملقّبة عندهم بالصحاح..
وهذه جملة من مصادر ترجمة الثعلبي والثناء عليه، أذكرها لتراجع: وفيات الأعيان 1 / 79، معجم الأُدباء 2 / 19 ـ 20، تذكرة الحفّاظ 3 / 1090، المختصر في أخبار البشر 2 / 160، الوافي بالوفيات 7 / 307، مرآة الجنان 3 / 36، طبقات الشافعية الكبرى ـ للسبكي ـ 4 / 58، البداية والنهاية 12 / 36، النجوم الزاهرة 4 / 285، طبقات المفسّرين 1 / 66 رقم 59.
وأكتفي بنقل كلام القاضي ابن خلّكان ـ الذي اعتمده الدهلوي في ترجمة الكلبي ـ فإنّه قال: «كان أوحد زمانه في علم التفسير، وصنّف التفسير الكبير الذي فاق غيره من التفاسير، وله كتاب العرائس… وقال أبوالقاسم القشيري: رأيت ربّ العزّة عزّ وجلّ في المنام وهو يخاطبني وأُخاطبه، فكان في أثناء ذلك أن قال الربّ تعالى اسمه: أقبل الرجل الصالح، فالتفتُّ فإذا أحمد الثعلبي مقبل.
وذكره عبدالغافر بن إسماعيل الفارسي في كتاب سياق تاريخ نيسابور، وأثنى عليه، وقال: هو صحيح النقل، موثوق به، وكان كثير الحديث، كثير الشيوخ، توفّي سنة 427. وقال غيره: سنة 437»(1).
فهذه ترجمته عند القاضي ابن خلكان، ولا تجد فيها إلاّ المدح والثناء، وحتّى من اللّه جلّ جلاله!
وقد جاءت هذه الكلمات وأمثالها في حقّ الرجل في سائر التراجم، لكنّا اكتفينا بكلام القاضي ابن خلّكان إلزاماً واحتجاجاً على الدهلوي الذي استند إلى كلامه بترجمة الكلبي.
(1) وفيات الأعيان 1 / 79.