محاولات يائسة و أكاذيب مدهشة
ولمّا كانت قضيّة المباهلة، ونزول الآية المباركة في أهل البيت دون غيرهم، من أسمى مناقب أمير المؤمنين عليه السلام الدالّة على إمامته بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، فقد حاول بعض المتكلّمين من مدرسة الخلفاء الإجابة عن ذلك، كما سنرى بالتفصيل.
لكن هناك محاولاتٌ بالنسبة إلى أصل الخبر ومتنه، الأمر الذي يدلّ على إذعان القوم بدلالة الحديث وبخوعهم بعدم الجدوى فيما يحاولونه من المناقشة فيها… .
وتلك المحاولات هي:
1 ـ الإخفاء والتعتيم على أصل الخبر:
فمن القوم من لا يذكر الخبر من أصله!! مع ما فيه من الأدلّة على النبوّة وظهور الدين الإسلامي على سائر الأديان… أذكر منهم ابن هشام(1) وتبعه ابن سيّد الناس(2) وهذه عبارة الثاني في ذكر الوفود، وهي ملخّص عبارة الأوّل:
«ثمّ بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم خالد بن الوليد في شهر ربيع الآخر أو جُمادى الأُولى سنة عشر، إلى بني الحارث بن كعب بنجران، وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم، ثلاثاً، فإن استجابوا فاقبل منهم وإن لم يفعلوا فقاتلهم.
فخرج خالد حتّى قدم عليهم، فبعث الركبان يضربون في كلّ وجه ويدعون إلى الإسلام، ويقولون: أيّها الناس أسلموا تسلموا، فأسلم الناس ودخلوا في ما دعوا إليه، فأقام فيهم خالد يعلّمهم الإسلام، وكتب إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم بذلك.
فكتب له رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم أن يقبِلَ ويقبِل معه وفدهم، فأقبل وأقبل معه وفدهم، منهم قيس بن الحصين ذي الغصّة… وأمّر عليهم قيس بن الحصين.
فرجعوا إلى قومهم في بقيّة من شوال أو في ذي القعدة، فلم يمكثوا إلاّ أربعة أشهر حتّى توفّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم».
(1) السيرة النبوية لابن هشام 2 / 592.
(2) عيون الأثر في المغازي والسير 2 / 244.