في دلالة آية المباهلة على الإمامة
«اعلم أنّ يوم مباهلة النبيّ صلوات اللّه عليه وآله لنصارى نجران كان يوماً عظيم الشأن، اشتمل على عدة آيات وكرامات.
فمن آياته: إنّه كان أول مقام فتَحَ اللّه جلّ جلاله فيه باب المباهلة الفاصلة في هذه الملّة الفاضلة عند جحود حججه وبيّناته.
ومن آياته: إنّه أول يوم ظهرت للّه جل جلاله ولرسوله صلوات اللّه عليه وآله العزّة بإلزام أهل الكتاب من النصارى الذلّة والجزية، ودخولهم عند حكم نبوّته ومراداته.
ومن آياته: إنّه كان أوّل يوم أحاطت فيه سرادقات القوة الإلهية والقدرة النبويّة بمن كان يحتجّ عليه بالمعقول والمنقول والمنكرين لمعجزاته.
ومن آياته: إنّه أوّل يوم أشرقت شموسه بنور التصديق لمحمّد صلوات اللّه عليه من جانب اللّه جلّ جلاله بالتفريق بين أعدائه وأهل ثقاته.
ومن آياته: إنّه يوم أظهر فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله تخصيص أهل بيته بعلوّ مقاماتهم.
ومن آياته: إنّه يوم كشف اللّه جلّ جلاله لعباده أنّ الحسن والحسين عليهما أفضل السلام، ـ مع ما كانا عليه من صغر السنّ ـ أحقّ بالمباهلة من صحابة رسول اللّه صلوات اللّه عليه والمجاهدين في رسالاته.
ومن آياته: إنّه يوم أظهر اللّه جلّ جلاله فيه أنّ ابنته المعظّمة فاطمة صلوات اللّه عليها أرجح في مقام المباهلة من أتباعه وذوي الصلاح من رجاله وأهل عناياته.
ومن آياته: إنّه يوم أظهر اللّه جلّ جلاله فيه أنّ مولانا علي بن أبي طالب نفس رسول اللّه صلوات اللّه عليهما، وإنّه من معدن ذاته وصفاته، وأنّ مراده من مراداته، وإن افترقت الصورة فالمعنى واحد في الفضل من سائر جهاته.
ومن آياته: إنّه يوم وَسِمَ كلّ من تأخّر عن مقام المباهلة بوَسم يقتضي أنّه دون من قدِّم عليه في الاحتجاج للّه عزّوجلّ ونشر علاماته.
ومن آياته: إنّه يوم لم يجرِ مثله قبل الإسلام في ما عرفنا من صحيح النقل ورواياته.
ومن آياته: إنّه يوم أخرس ألسنة الدعوى، وعرس في مجلس منطق الفتوى، بأنّ أهل المباهلة أكرم على اللّه جلّ جلاله من كلّ مَن لم يصلح لِما صلحوا له من المتقربين بطاعاته وعباداته.
ومن آياته: إنّ يوم المباهلة يوم بيان برهان الصادقين، الّذين أمر اللّه جلّ جلاله باتّباعهم في مقدّس قرآنه وآياته.
ومن آياته: إنّ يوم المباهلة يوم شهد اللّه جلّ جلاله لكلّ واحد من أهل المباهلة بعصمته مدّة حياته.
ومن آياته: إنّ يوم المباهلة أقرب في تصديق صاحب النبوّة والرسالة من التحدّي بالقرآن، وأظهر في الدلالة، الّذين تحدّاهم صلوات اللّه عليه بالقرآن قالوا: (لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا)(1)، وإن كان قولهم في مقام البهتان. ويوم المباهلة ما أقدموا على دعوى الجحود للعجز عن مباهلته لظهور حجّته وعلاماته.
ومن آياته: إنّه يوم أطفأ اللّه به نار الحرب، وصان وجوه المسلمين من الجهاد والكرب، وخلّصهم من هيجان المخاطرة بالنفوس والرؤوس، وعتقها من رقّ الغزو والبؤس لشرف أهل المباهلة الموصوفين فيها بصفاته.
ومن آياته: إنّ البيان واللّسان والجَنان اعترفوا بالعجز عن كمال كراماته»(2).
واستدلّ علماء الإماميّة بآية المباهلة، وأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم دعا إليها الإمام عليّاً وفاطمة والحسن والحسين فقط… على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام.
(1) سورة الأنفال: 8 : 31.
(2) الإقبال بصالح الأعمال: 514.
Menu