ما دلّت عليه الأحاديث
وهذه الأحاديث الواردة في الصحاح والمسانيد ومعاجم الحديث، بأسانيد صحيحة متكاثرة جدّاً، أفادت نقطتين:
الأُولى:
إنّ المراد بـ«أهل البيت» في الآية المباركة هم: النبيّ وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين، لا يشركهم أحد، لا من الأزواج ولا من غيرهنّ مطلقاً.
أمّا الأزواج، فلأنّ الأحاديث نصّت على أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لم يأذن بدخول واحدة منهنّ تحت الكساء.
وأمّا غيرهنّ، فلأنّ النبيّ إنّما أمر فاطمة بأنْ تجيء بزوجها وولديها فحسب، فلو أراد أحداً غيرهم ـ حتّى من الأُسرة النبويّة ـ لأمر بإحضاره.
الثانية:
إنّ الآية المباركة نزلت في واقعة معيَّنة وقضيّة خاصّة، ولا علاقة لها بما قبلها وما بعدها. ولا ينافيه وضعها بين الآيات المتعلّقة بنساء النبيّ; إذ ما أكثر الآيات المدنيّة بين الآيات المكّية وبالعكس..
ويشهد بذلك:
1 ـ مجيء الضمير: «عنكم» و«يطهّركم» دون: عنكنّ ويطهّركنّ.
2 ـ اتّصال الآيات التي بعد آية التطهير بالتي قبلها، بحيث لو رفعت آية التطهير لم يختلّ الكلام أصلاً.. فليست هي عجزاً لآية ولا صدراً لأُخرى.. كما لا يخفى.
ثمّ ما ألطف ما جاء في الحديث جواباً لقول أُمّ سلمة: «ألستُ من أهل البيت؟»، وهو قول النبيّ الكريم: «أنتِ من أزواج رسول اللّه!!»; فإنّه يعطي التفصيل مفهوماً ومصداقاً بين العنوانين: عنوان «أهل البيت» وعنوان «الأزواج» أو «نساء النبيّ»..
فتكون الآيات المبدوءة ـ في سورة الأحزاب ـ بـ : (يا نِساءَ النَّبِيِّ)(1) خاصّة بـ«الأزواج»، ويكون وسط الآية: (إِنَّما يُريدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) خاصّاً بـ«العترة الطاهرة».
وحديث مروره صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بباب فاطمة عليها السلام وقوله: «الصلاة أهل البيت، (إِنَّما يُريدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًا)..
رواه كثيرون كذلك، لا نطيل بذكر رواياتهم.
(1) سورة الأحزاب (33): 30 و 31.