كلام الدهلوي صاحب «التحفة»
هذا، وما ذكرناه في إبطال القولين الآخَرَين، وردّ افتراءات ابن تيميّة، يكفينا عن النظر في كلام عبدالعزيز الدهلوي بشأن هذه الآية، والتعرّض لنقده بالتفصيل، إذ ليس عنده شيء زائد على ما تقدّم!
فقد ذكر أوّلاً قول عكرمة وأيّده بالسياق، ثمّ قال: «ولكن ذهب محقّقو أهل السُنّة إلى أنّ هذه الآية وإن كانت واقعة في حقّ الأزواج المطهّرات، فإنّه بحكم أنّ العبرة بعموم اللفظ لا لخصوص السبب، داخل في بشارتها هذه جميع أهل البيت، وإنّما يدلّ التخصيص بالكساء على كون هؤلاء المذكورين مخصّصين إذا لم يكن لهذا التخصيص فائدة أُخرى ظاهرة، وهي هاهنا دفع مظنّة عدم كون هؤلاء الأشخاص في أهل البيت، نظراً إلى أنّ المخاطَبات فيها هنّ الأزواج فقط».
ثمّ ناقش في دلالة الآية على العصمة، حاملاً «الإرادة» على التشريعيّة; قال: «لأنّ وقوع مراد اللّه غير لازم لإرادته عند الشيعة» ومن هنا نقض بأنّه: «لو كانت هذه الكلمة مفيدة للعصمة فينبغي أن يكون الصحابة لاسيّما الحاضرين في غزوة بدر قاطبةً معصومين، لأنّ اللّه تعالى قال في حقّهم في مواضع من التنزيل: (وَلكِنْ يُريدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
وقال: (لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ)..
وظاهر أنّ إتمام النعمة في الصحابة كرامة زائدة بالنسبة إلى ذينك اللفظين ووقوع هذا الإتمام أدلّ على عصمتهم».
ثمّ قال: «سلّمنا، ولكن ثبت من هذا الدليل صحّة إمامة الأمير، أمّا كونه إماماً بلا فصل فمن أين؟»(1).
أقول:
كانت هذه خلاصة المهمّ من كلامه، فهو يعتمد أوّلاً على كلام عكرمة، ثمّ يتنازل فيجعل الآية عامّة لأهل البيت وللأزواج وهو القول الآخر، وقد عرفت بطلان كلا القولين.
وقد عرفت أن «الإرادة» في الآية تكوينية وليست بتشريعيّة.
ونقضه بعصمة أهل بدر مردود: بأنّ «الإرادة» في الآيتين المذكورتين تشريعيّة، فالقياس مع الفارق، على أنّ أحداً لا يقول بعصمة أحد من أهل بدر ولا غيرهم من الصحابة، فقوله هذا خرق للإجماع القطعي، بخلاف «أهل البيت» ففيهم الرسول صلّى اللّه عليه وآله وهو معصوم بالإجماع، وسائر أهل البيت معصومون بالآية وبحديث الثقلين وغيرهما من الأدلّة.
وما ذكره أخيراً من حمل الآية على إمامة الإمام عليه السلام بعد عثمان، فباطل من وجوه، منها: أنّ هذا الحمل موقوف على صحّة إمامة الثلاثة، وهو أوّل الكلام.
هذا تمام الكلام على «آية التطهير»..
والحمد للّه ربّ العالمين،
وصلّى اللّه على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.
(1) التحفة الاثني عشرية: 202. وانظر: مختصر التحفة الاثني عشرية: 167 ـ 172.