عبد مناف، وقيل: عمران، وقيل شيبة، كنيته أبو طالب، فهو ابن عبد المطلّب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي القرشي، ولد أبو طالب بمكة قبل ولادة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بخمس وثلاثين سنة، وكان شريك والده عبد المطلب في كفالة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولمّا توفي عبد المطلب انفرد أبو طالب بكفالة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وانتهت إليه بعد أبيه عبد المطلب الزعامة المطلقة، وكان يروي الماء وفود مكة كافة، لأن السقاية كانت له، ورفض عبادة الأصنام فوحّد الله سبحانه، ومنع نكاح المحارم وقتل الموؤدة والزنا وشرب الخمر وطواف العراة في بيت الله الحرام، ونزل بأكثرها القرآن وجاءت السنّة بها.
قال البلاذري: «فكان منيعاً عزيزاً في قريش… وكانت قريش تطعم، فإذا أطعم أبو طالب لم يطعم يومئذ أحد غيره»(1).
وقال ابن سعد: لمّا توفي عبد المطلب قبض أبو طالب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إليه، فكان يكون معه، وكان أبو طالب لا مال له، وكان يحبّه حبّاً شديداً لا يحبّه ولده، وكان لا ينام إلاّ إلى جنبه، ويخرج فيخرج معه، وصبّ به أبو طالب صبابةً لم يصب مثلها شيء قطّ، وكان يخصه بالطعام، وكان إذا أكل عيال أبي طالب جميعاً أو فرادى لم يشبعوا، وإذا أكل معهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم شبعوا، فكان إذا أراد أن يغذيهم قال كما أنتم حتى يحضر ابني، فيأتي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيأكل معهم، فكانوا يفضلون من طعامهم، وإن لم يكن معهم لم يشبعوا، فيقول أبو طالب: إنك لمبارك، وكان الصبيان يصبحون رمضاً شعثاً ويصبح رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم دهيناً كحيلا…
وروي أن أبا طالب دعا بني عبد المطلب فقال: لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمّد وما اتبعتم أمره، فاتبعوه وأعينوه ترشدوا… وما زالوا كافّين عنه حتّى مات أبو طالب ـ يعني قريشاً عن النبي عليه السّلام
وكان أبو طالب يحفظه ويحوطه ويعضده وينصره إلى أن مات»(2).
وروى ابن الأثير عن ابن عبّاس: «لما نزلت (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ)(3) خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فصعد على الصفا فهتف يا صباحاه، فاجتمعوا إليه فقال: يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني عبد المطلب، يا بني عبد مناف، فاجتمعوا إليه فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح الجبل، أكنتم مصدّقي؟ قالوا: نعم، ما جرّبنا عليك كذباً، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب تباً لك! أما جمعتنا إلاّ لهذا، ثم قام، فنزلت (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب وَتَبَّ)(4) السورة…
فقال أبو طالب لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ما أحبّ إلينا معاونتك وأقبلنا لنصيحتك وأشدّ تصديقنا لحديثك، وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون، وإنّما أنا أحدهم، غير أنّي أسرعهم إلى ما تحبّ، فامض لما امرت به، فو الله لا أزال أحوطك وأمنعك… الحديث، وقال:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم *** حتى أوسّد في التراب دفينا
فانفذ لأمرك ما عليك غضاضة *** فكفى بنا دنياً لديك ودينا
ودعوتني وزعمت أنك ناصح *** فلقد صدقت وكنت قبل أمينا
وعرضت ديناً قد علمت بأنه *** من خير أديان البرية دينا(5)
فقال أبو لهب: هذه والله السوأة، خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم، فقال أبو طالب: والله لنمنعنّه ما بقينا»(6).
وقال في النهاية: «لما اعترض أبو لهب على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عند إظهاره الدعوة، قال له أبو طالب: يا أعور، ما أنت وهذا؟ لم يكن أبو لهب أعور، ولكن العرب تقول للذي ليس له أخ من أبيه واُمه أعور، وقيل: إنهم يقولون للرديّ من كلّ شيء من الأمور والأخلاق أعور»(7).
وروى الخوارزمي بإسناده عن محمّد بن كعب، قال: «رأى أبو طالب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يتفل في فيّ علي عليه السّلام فقال: ما هذا يا محمّد؟ فقال:إيمان وحكمة، فقال أبو طالب لعلي عليه السّلام: يا بني، انصر ابن عمك ووازره»(8).
وروى السيوطي بأسناده عن أنس، إن أبا طالب مرض فعاده النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: «يا ابن أخي ادع ربّك الذي تعبد أن يعافيني، فقال: اللهم اشف عمي، فقام أبو طالب ـ كأنّما نشط من عقال ـ قال: يا ابن أخي، إنّ ربك الذي تعبد ليطيعك قال: وأنت يا عمّاه لئن أطعت الله ليطيعنّك»(9).
وروى الحاكم النيسابوري بأسناده عن أبي إسحاق قال: «قال أبو طالب أبياتاً للنجاشي يحضّهم على حسن جوارهم والدفع عنهم:
ليعلم خيار الناس أن محمّداً *** وزير لموسى والمسيح بن مريم
أتانا بهدي مثل ما أتيا به *** فكلّ بأمر الله يهدي ويعصم
وإنكم تتلونه في كتابكم *** بصدق حديث لا حديث المبرجم
وإنك ما تأتيك منها عصابة *** بفضلك إلا أرجعوا بالتكرّم(10)
وروى ابن أبي الحديد عن أبي بكر بن أبي قحافة «إن أبا طالب ما مات حتى قال: لا إله إلا الله، محمّد رسول الله، والخبر مشهور: إن أبا طالب عند الموت قال كلاماً خفيّاً، فأصغى إليه أخوه العبّاس ثم رفع رأسه إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: يا ابن أخي، والله لقد قالها عمّك ولكنه ضعف عن أن يبلغك صوته»(11).
وفي الحديث المشهور «إن جبرئيل عليه السّلام قال له ليلة مات أبو طالب: أخرج منها، فقد مات ناصرك»(12).
وروى الحاكم النيسابوري «إن عثمان بن عفان حدّث عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقّاً من قلبه فيموت إلا حرّم على النار، فقبض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ولم يخبرناها، فقال عمر بن الخطاب: أنا أخبرك بها هي كلمة الإخلاص التي أمر بها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عمّه أبا طالب عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله، وهي الكلمة التي أكرم الله بها محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم وأصحابه».
وروى ابن أبي الحديد، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه السّلام إن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «إن أصحاب الكهف أسرّوا الإيمان وأظهروا الكفر، فآتاهم الله أجرهم مرتين، وأن أبا طالب أسرّ الإيمان وأظهر الشرك فآتاه الله أجره مرتين».
وقد روى بأسانيد كثيرة ـ بعضها عن العبّاس بن عبد المطلب، وبعضها عن أبي بكر بن أبي قحافة: «إن أبا طالب ما مات حتى قال: لا إله إلا الله محمّد رسول الله».
وروى عن علي عليه السّلام إنه قال: «ما مات أبو طالب حتى أعطى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من نفسه الرضا».
وروى عن علي عليه السّلام أنه قال: «قال لي أبي: يا بنيّ، الزم ابن عمّك، فإنك تسلم به من كلّ بأس عاجل وآجل، ثم قال لي:
إن الوثيقة في لزوم محمّد *** فاشدد بصحبته على أيديكا»(13)
وروى الشنقيطي بأسناده عن أبي إسحاق، إن أبا طالب قال لعلي: «أي بني، ما هذا الدين الذي أنت عليه؟ قال: يا أبت، آمنت برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصدّقت بما جاء به وصلّيت معه لله واتّبعته، فزعموا أنه قال: أما أنه لم يدعك إلا إلى خير فالزمه»(14).
قال السيد شهاب الدين أحمد: «إن أبا طالب ما مات كافراً على الصحيح، والخلاف ضعيف منشأه التعصّب الصّريح، لأنّ بعض أقواله وأفعاله على إيمانه دليل صريح، وقد ذكر الصالحاني عن الأئمة الأعلام ما يدلّ على أنّ أبا طالب مات على الإسلام، كما نقل عن الإمام جعفر الصادق عليه السّلام ـ والله سبحانه أعلم بالحقائق ـ أن ميله إلى إسلامه يؤول حتّى قال: كذبوا، كيف يكون كافراً وهو الذي يقول:
ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّداً *** نبيّاً كموسى خطّ في أوّل الكتب
وكما نقل عن عبدالله بن عبّاس الذي لا ريب في فضله أنه قيل له: مات أبو طالب كافراً، فقال: فهذا قوله:
كذبتم وبيت الله نسلم أحمداً *** ولمّا نقاتل دونه ونناضل
ونتركه حتّى نصرّع حوله *** ونذهل عن أبنائنا والحلائل»(15)
وروى اليعقوبي: «لمّا قيل لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إنّ أبا طالب قد مات، عظم ذلك في قلبه واشتد له جزعاً، ثم دخل فمسح جبينه الأيمن أربع مرات وجبينه الأيسر ثلاث مرات، ثم قال: يا عمّ، ربيت صغيراً وكفلت يتيماً ونصرت كبيراً، فجزاك الله عنّي خيراً، ومشى بين يدي سريره وجعل يعرضه ويقول: وصلتك رحم وجزيت خيراً، وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: اجتمعت على هذه الأمة في هذه الأيام مصيبتان، لا أدري بأيهما أنا أشدّ جزعاً. يعني مصيبة خديجة وأبي طالب»(16).
وروى الطبري بإسناده: «لما نثر ذلك السفيه التراب على رأس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، دخل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بيته، والتراب على رأسه، فقامت إليه احدى بناته تغسل عنه التراب وهي تبكي ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول لها: يا بنية لا تبكي، فإن الله مانع أباك. وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ما نالت مني قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب»(17).
وروى ابن سعد: «قال العبّاس: يا رسول الله، أترجو لأبي طالب؟ قال: كلّ الخير أرجو من ربّي، وتوفي أبو طالب للنصف من شوال، في السنة العاشرة من حين نبّئ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وهو يومئذ ابن بضع وثمانين سنة وتوفيت خديجة بعده بشهر وخمسة أيام، وهي يومئذ بنت خمس وستين سنة، فاجتمعت على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مصيبتان، موت خديجة بنت خويلد وموت أبي طالب عمه»(18).
وروى سبط ابن الجوزي الحنفي، قال علي عليه السّلام: «لمّا توفي أبو طالب، أخبرت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فبكى بكاءاً شديداً ثم قال: اذهب فغسله وكفّنه وواره، غفر الله له ورحمه، فقال له العبّاس: يا رسول الله، إنك لترجو له؟ فقال: اي والله، إني لأرجو له. وجعل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يستغفر له أيّاماً لا يخرج من بيته.
وقال الواقدي: قال ابن عبّاس: عارض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جنازة أبي طالب، وقال: وصلتك رحم وجزاك الله يا عمّ خيراً.
وذكر ابن سعد أيضاً عن هشام بن عروة قال: ما زالوا كافّين عن رسول الله صلّى الله عليه وآله حتى مات أبو طالب. يعني قريشاً.
وقال السدي: مات أبو طالب وهو ابن بضع وثمانين سنة، ودفن بالحجون عند عبد المطلب.
وقال علي عليه السّلام يرثيه:
أبا طالب عصمة المستجير *** وغيث المحول ونور الظلم
لقد هدّ فقدك أهل الحفاظ *** فصلّى عليك ولي النعم
ولقّاك ربك رضوانه *** فقد كنت للطّهر خير عم»(19)
وقال شيخ العلماء الأعلام مفتي الشافعية بمكة المكرمة السيد أحمد بن زيني دحلان: قال العلامة السيد محمّد بن رسول البرزنجي في كتابه نجاة أبي طالب: ذكر الأمام أحمد بن الحسين الموصلي الحنفى المشهور بابن وحشي في شرحه على الكتاب المسمى بـ (شهاب الأخبار) للعلامة محمّد بن سلامة القضاعي: إن بغض أبي طالب كفر. ونصّ على ذلك أيضاً من أئمة المالكية العلامة الشيخ علي الأجهوري في فتاويه، والتلمساني في حاشيته على الشفاء فقال عند ذكر أبي طالب: لا ينبغي أن يذكر إلاّ بحماية النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، لأنه حماه ونصره بقوله وفعله، وفي ذكره بمكروه أذية للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، ومؤذيه صلّى الله عليه وآله وسلّم كافر، والكافر يقتل. وقال أبو الطاهر: من أبغض أبا طالب فهو كافر.
ومن صحيح الأحاديث ما أخرجه ابن سعد وابن عساكر عن علي كرم الله وجهه قال: أخبرت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بموت أبي طالب، فبكى وقال: إذهب فغسّله وكفّنه وواره، غفر الله له ورحمه.
وفي السيرة الحلبية: إن هذا الحديث أخرجه أيضاً: أبو داود والنسائي وابن الجارود وابن خزيمة، عن علي كرم الله وجهه.
وقد صح أن العبّاس سأل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: يا رسول الله، أترجو لأبي طالب خيراً؟ قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: كلّ الخير أرجو من ربي. وهذا الحديث رواه ابن سعد في الطبقات بسند صحيح، ورجاؤه صلّى الله عليه وآله وسلّم محقق، ولا يرجو كل الخير إلاّ لمؤمن»(20).
وروى أبو نعيم بسنده عن أبي هريرة قال: لما مات أبو طالب ضرب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: ما أسرع ما وجدت فقدك يا عم(21).
هذا، وقد ألّف غير واحد من علماء الخاصّة والعامّة في إيمان سيدنا أبي طالب عليه السّلام كتاباً خاصّاً، وللعلامة الأميني في كتابه (الغدير) فصل كبير في الموضوع، فمن شاء التفصيل فليراجع.
ونعم ما قال عبد المسيح الأنطاكي بهذا الصدد:
لدى أبي طالب قف صاح محترماً *** غرّ الأيادي التي قد كان يسديها
ولا تخل أنني اُوفي مدائحه *** فإنّ مدحته ما من يوفيها
قد كان أفضل شيخ في قريش جميعاً *** بالمحامد لا في هاشمييها
وكان بعد أبيه القرم سيدها *** بلا جدال وحاميها وآسيها
وكان أحكمها رأياً وأفضلها *** حزماً وأكثرها مجداً وتوجيها
والجاهلية في عليها قد ختمت *** فخارها مذ غدا الاسلام طاويها
وحسبه كفل الهادي الأمين كفا *** لةً جميع عباد الله تطريها
وكان يعنى به براً يفضّله *** على بنيه لكي يزداد ترفيها
وفي المآكل لا يطهى هنالك من *** ألوانها غير ما قد كان شاهيها
وردَّ عنه الأعادي عند بعثته *** الزهرا وقد كثرت جهلا أعاديها
وكان ينشد في طه قصائده *** وفي نبوته العصما ويمليها
وكان يدعو إلى محمود دعوته *** جهراً قريشاً وبالاخرى يمنيها
وعندما قد دنت منه الوفاة دعا *** رؤوس امته كيما يفاهيها
وقال والموت يغشاه بصفرته *** ورهبة الموت يشجي النفس فاجيها
أوصيكم يا بني اُمي بكعبتنا *** فإن فيها رضاء الله ثاويها
وإنّ رزقكم فيها ينالكم *** من الحجيج إذا وافت مغانيها
وبالوداد صلوا أرحامكم وبذا *** تنال اُمتكم أقصى أمانيها
والصدق أولى بكم والكذب منقصة *** ذو العقل والدين يأبى أن يدانيها
أدّوا الأمانات أدوّها بلا مَهَل *** إلى ذويها تنالوا شكر أهليها
وإنّني اليوم أوصيكم بأحمد خيراً *** واسمعوا دعوةً ما انفكّ داعيها
ما من أمين سواه في قريش ولا *** صديق للعرب الاّه يواليها
إنّي لأنظر في الأيام مقبلة *** عليه من بعد أن يجلي دياجيها
وقد أجابت مع الايمان دعوته *** وعظمت أمره تدعوه هاديها
الفيه يخرج فيها للحروب جما *** عات تخوض المنايا لا تحاشيها
والله يا امتي لا يسعدنّ فتى *** إلاّ بطاعته طوبى لحاظيها
ولم يكد ينتهي من ذي الوصية *** حتى مات وهو على السماع يلقيها
وعمرك الله هل هذي وصية مشرك *** لأمته قد راح يوصيها
ممد في فراش الموت في دنف *** ونفسه بلغت منه تراقيها
وهل يوصّى بطه ذي الوصيّة الا *** مؤمن شرعة الإسلام راضيها
كذا ابو طالب قد كان اول انصار *** الشريعة بل اُوفي محبيها
وانّ نفساً أتت تلك الفضائل ما الا *** سلام تالله ناء عن مطاويها
فقد تكون اقرته بخافيها *** وللمحاذير ما أبدته من فيها
كم من نفوس اقرت بالشهادة والا *** سلام سراً وكان الله داريها
وكم نفوس لقد أبدت شهادتها *** زوراً وكذباً وكان الكفر غاويها
والله يعلم ما تخفى الصدور وبالعدل *** الإلهيّ يوم الدين يجزيها
فالمؤمنون لهم رحب الجنان إذا *** اعمالهم صلحت يثوون هانيها
والمشركون لهم نار الجحيم وفيها *** الخالدون وما الاحقاب تطفيها(22)
(1) انساب الأشراف، بتحقيق الشيخ محمّد باقر المحمودي، ج2، ص23.
(2) الطبّقات، ج1، ص75، 77، 79.
(3) سورة الشعراء: 214.
(4) سورة المسد: 1.
(5) ديوان شيخ الأباطح ص 12.
(6) الكامل في التاريخ طبعة بيروت 1385 هجرية، ج2، ص60، 61.
(7) النّهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الاثير، ج3، ص319.
(8) المناقب المطبعة الحيدريّة سنة 1385، ص78.
(9) الخصائص الكبرى للسيّوطي، بتحقيق محمّد خليل هراس، ج1، ص310.
(10) المستدرك على الصحّيحين، ج2، ص623.
(11) شرح نهج البلاغة الطّبعة القديمة، ج3، ص316.
(12) نفس المصدر والصفحة.
(13) شرح نهج البلاغة، بتحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، ج14، ص70، 75.
(14) كفاية الطالب، ص13.
(15) توضيح الدلائل في تصحيح الفضائل، القسم الثّاني ص 242 من المخطوطة.
(16) تاريخ اليعقوبي طبعة سنة 1384، ج2، ص28.
(17) تاريخ الطّبري بتحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، ج2، ص344.
(18) الطبقات الكبرى، ج1، ق1، ص79.
(19) تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ص8.
(20) أسنى المطالب في نجاة أبي طالب، ص60، 64.
(21) اخبار اصبهان، ج2، ص307 ولا يخفى التحريف في لفظه.
(22) القصيدة العلويّة المباركة، ص55 طبعة مصر سنة 1338 هجريّة.