و هل يشترط القرعة؟
هذا، وعن جماعة القول بأن الأمر يتحقق بالقسمة عن تراض، وهي كافية لتعيّن الحقوق من دون حاجة إلى القرعة، لا سيما وأنه لا تعرض للقرعة في الأخبار، وأن القرعة لكلّ أمر مشكل، وأنه ليس في نصوص الشركة إشارة إلى أن زوالها يكون بالقرعة، بل لقد قال بعضهم بأن الأخذ بالقرعة هنا متابعة للعامة، وفي (المسالك): «بل ينبغي أن يتعين بتراضيهما على القرعة وتخصيص كلّ واحد من الشركاء بحصته وإن لم يحصل القرعة، كما تصح المعاطاة في البيع، إلا أن المعاطاة يتوقف لزومها على التصرف من حيث أن ملك كلّ واحد من العوضين كان للآخر، فيستصحب ملكه إلى أن يتصرف أحدهما بإذن الآخر، فيكون رضاً منه بكون ما في يده عوضاً عن الآخر. أما القسمة فإنها مجرد تمييز أحد النصيبين عن الآخر، وما يصل إلى كلّ منهما هو عين ملكه لا عوضاً عن ملك الآخر، فيكفي تراضيهما عليها مطلقاً، ومن جعلها بيعاً مطلقاً أو على بعض الوجوه يناسبه توقف اللزوم على التصرف كالبيع معاطاة، واشترط في الدروس تراضيهما بعد القرعة في غير قسمة منصوب الإمام عليه السلام مع اشتمالها على الردّ خاصة(1)، وهو حسن، وفي اللّمعة: اكتفى بتراضيهما عليها من غير قرعة مطلقاً(2). وهو أجود، واختاره العلاّمة في القواعد(3)(4).
وقد أشكل على ما ذكر، بأن قياس القسمة على المعاطاة مع الفارق، لأن المعاطاة ـ بناء على إفادتها الملك وجواز الرجوع فيها ما دامت العينان باقيتين ـ بيع عند العرف، وقد أمضى الشارع ذلك، وأما القسمة فعنوان آخر، ولا يوجد في نصوصها إطلاق يفيد نفوذها ولزومها حتى يقال بأن القسمة تتحقق بالدليل ولا حاجة إلى القرعة، وقوله تعالى: (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ)(5)لا إطلاق فيه، ولا يبين كيفية القسمة، وحينئذ، فإن تحقّقت القسمة مع القرعة كانت المعاملة متحققة بالإجماع، وبها يتم النقل والملك لكلّ واحد من الشريكين، وليس هنا تصرف في مال الغير حتى يقال بجوازه بالرضا لقوله: «لا يحل…»، لأنه يريد أخذ ماله وتعيين حقّه(6).
(1) الدروس الشرعية 2 : 117.
(2) الروضة البهية 3 : 117.
(3) قواعد الأحكام 3 : 460.
(4) مسالك الأفهام 14 : 26 ـ 27.
(5) سورة النساء 4 : 8.
(6) والحاصل: في المقام ثلاثة أقوال:
أحدها: إعتبار القرعة في حصول القسمة، سواء رضيا بها أولا. و استدل عليه بجريان أدلة القرعة في هذا المقام، وأن ظاهر تلك الأدلة هو اللزوم. فراجعها في وسائل الشيعة ، في الباب الثالث من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى.
والثاني: حصول القسمة بمجرد التراضي، من دون حاجة إلى القرعة. واستدل عليه بعموم: « الناس مسلطون على أموالهم » وقوله: « لا يحلّ مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه ».
والثالث: حصولها بالقرعة المتعقبة بالرضا. واستدل عليه باستصحاب بقاء الشركة وأصالة عدم ترتب أثر القسمة على مجرد القرعة، فيؤخذ بالقدر المتيقن وهو القرعة المتعقبة بالرضا.
هذا، وظاهر السيد الاستاذ هو القول الأول، وتماميته يتوقف على إطلاق أدلة القرعة أو شمولها لصورة عدم التخاصم، إلا أن لدعوى اختصاصها بصورة التخاصم وعدم جريانها في المقام حيث يتراضى الطرفان بقسمة القاسم مجالاً.