الجواب عن إشكال المحقق النائيني
فأجاب عمّا أورده المحقق النائيني : بأنّ الصّلاة مركّب اعتباري ، والموضوع له هذا اللّفظ هو الأركان لا بشرط عن الزيادة ، والإشكال مندفع ، وذلك ، لأنّ المركّب الذي لا تقبل أجزاؤه التغيّر والتبدّل والزيادة والنقيصة هو المركّب الحقيقي ، لأنّ جزئيّة كلّ جزء فيه حقيقيّة وغير مرتبطة باعتبار معتبر .
أمّا المركّب الإعتباري ، فمنه ما يكون محدوداً بحدّ من ناحية القلّة والكثرة معاً كالعدد ، فإن التركيب فيه اعتباري ، وأن عنوان الأربعة ـ مثلا ـ قد وضع لهذه المرتبة المعيّنة من العدد ، فلو زاد أو نقص انتفى . ومنه ما يكون محدوداً بحدّ من ناحية القلّة فقط ، أما من ناحية الكثرة فليس بمحدود ، كالكلمة والكلام ، فحدّ الكلام من ناحية القلّة أنْ يكون مفيداً ، وهو يحصل بالفعل والفاعل ، لكنه من ناحية الكثرة فهو لا بشرط ، وكمفهوم « الدار » فإنّه مركّب اعتباري يتقوّم بقطعة من الأرض ومن السقف والغرفة مثلا ، لكنّه لا بشرط بالنسبة إلى الزائد ، من الغرف والمرافق وغير ذلك ، وأيضاً : هو لا بشرط من حيث المواد المصنوع منها الجدار والسّقف …
و« الصّلاة » من هذا القسم ، فهي مركّب اعتباري ، والأمر فيها بيد المعتبر ، وقد جعل قوامها الأركان ، لا بشرط بالنسبة إلى الزائد عليها ، وكلّ ما فيها معها كان جزءً وإلاّ فليس بجزء ، وهذا مقصود الأعلام ـ مثل المحقق الإصفهاني ، والسيد البروجردي ـ من فرض التشكيك في المركّبات من الصّلاة والحج ، ومن الدار ، والجَمع … وأنه لا مانع من الإبهام في ناحية الكثرة مع وجود الحدّ في ناحية القلّة .
وعلى الجملة ، فإنه تسمية ووضع ، وللواضع أن يضع اللّفظ على الشيء الذي اعتبره كيفما اعتبره ، فله أنْ يضع اسم « الصلاة » على أجزاء معيّنة مخصوصة هي الأركان ، بحيث لو انتفى واحد منها انتفى الموضوع له ، لكنْ لا يحدّد المعنى والموضوع له من ناحية الكثرة بحدّ ، فإن جاء شيء زائداً على الأركان كان جزءً وإلاّ فلا ، وله أن يضع اسم « الدار » على كذا ، وكلمة « الجمع » على كذا ، على ما عرفت .
فاندفع الإشكال الثاني بكلا شقّيه ، فإن الإستعمال في المشتمل على الأكثر حقيقي وليس بمجاز ، وأنّ المحذور المذكور ـ وهو كون شيء عند وجوده داخلا في حقيقة الموضوع له وخارجاً عنها عند عدمه ـ غير لازم ، بناءً على كون الحقيقة بشرط بالنسبة إلى الزائد .
وأمّا إشكاله الأوّل ـ وهو كون الأركان كلّ واحد منها ذا مراتب ـ فيندفع على ماذكر ، بأنّ المقوّم للحقيقة هو أحد المراتب على البدل ، فإمّا الركوع الحاصل من القادر ، وإمّا الإيماء الحاصل من العاجز ، وكذا القيام والقراءة … إذْ الترديد في القضايا الإعتبارية ممكن .
هذا تمام الكلام على ماذكره المحقق النائيني ، وقد كان يتعلَّق بمقام الثبوت.
Menu