المقدّمة الثّانية ( في معنى الصحيح و الفاسد )
اختلفت كلمات العلماء في معنى « الصحيح » و « الفاسد » .
فعن أهل الحكمة : أن « الصحيح » هو المحصّل للغرض ، وما ليس بمحصّل له ففاسد .
وعن المتكلّمين : إن « الصحيح » هو الموافق للأمر أو الشريعة ، والفاسد غيره .
وعن الفقهاء : إن « الصحيح » هو المسقط للإعادة والقضاء ، والفاسد غيره .
وقال المحقق الإصفهاني : إن « الصحّة » هي : التماميّة من حيث الأجزاء والشرائط ، ومن حيث إسقاط الإعادة والقضاء ، ومن حيث موافقة المأتي به للمأمور به .
قال شيخنا : بل الحقّ هو أنّ « الصحّة » تماميّة الأجزاء والشرائط ، فالبحث في الحقيقة هو : هل الألفاظ موضوعة لتامّ الأجزاء والشرائط أو للأعم منه ومن الفاقد لبعضها ، فالصحيح عندنا هو الواجد لها ، والفاسد ما فقد جزءاً أو قيداً ، فيكون « الصحة » و « الفساد » أمرين إضافيّين ، فالصلاة قصراً بالإضافة إلى المسافر صحيحة وإلى الحاضر فاسدة .
فالصحّة عبارة عن التماميّة والفساد عدم التماميّة ، ومن الواضح أن من آثار التماميّة ولوازمها : سقوط الإعادة والقضاء ، وموافقة المأتي به للمأمور به ، ومحصّليّة الغرض ، فهذه الامور لوازم وليست بمقوّمات ، ويشهد بذلك تخلّل الفاء التفريعيّة حيث نقول : كانت هذه العبادة تامّة الأجزاء والشرائط فهي محصّلة للغرض ، فهي موافقة للمأمور به ، فهي مسقطة للإعادة والقضاء ، ولا يصح أن يقال مثلا : قد سقط الأمر فالعبادة كانت تامّة الأجزاء والشرائط …
Menu