سماحة السيد لم أشأ أن أطيل معك الحوار ولما أجد عندك ما أبتغيه، ولكن خطابك الأخير حملني على الردّ والجواب، عسى الله أن يجمعني وإيّاك على الهدى والصواب إنّه سميع الدعاء … 1- أما قولك أني أنهى عن البراءة من الظلم والظالمين فهذا غير صحيح، ولكن لعلّك تعتقد أنَّ البراءة لا تتحقق إلا من خلال السّبّ واللعن وإظهار العداء في الجهر والخفاء وزيارة عاشوراء وهذا اعتقاد باطل أبطله مرجع الشيعة المعاصر آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم فقد قال في بعض فتاواه: ليس المقصود من البراءة الواجبة هو سبّ أعداء الله تعالى ورموزهم وإنّما هو التبرّي والالتزام النفسي والموقف العملي … إلى آخر كلامه عفا الله عنه، فقد اعتبر المخالفين أعداء لله تعالى وهذا مما يندى له الجبين فإنّا لله وإنّا إليه راجعون. 2- أمّا عبارة “لا للشيعة ولا للمسلمين” فليس المقصود منها أن الشيعة غير مسلمين، ولكن المقصود: لا للشيعة خاصة ولا لغيرهم من سائر المسلمين عامة”. 3- أما قولك أني أدافع عن الظالمين لأئمة أهل البيت الطيبين الطاهرين (عَلَيْهِم السَّلامُ) فهذا محض افتراء … وما لي وللظالمين أدافع عنهم؟! ومَن قال أنّكم تمثّلون المنهج الصحيح لأهل البيت؟! وإنّما أردتُ الدفاعَ عن منهج أهل البيت (عَلَيْهِم السَّلامُ) الذي غيّبتموه عن الشيعة واستبدلتموه بما هم لهم كارهون؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون. 4- وأمّا قولك: أمّا في رسالتكم هذه، فالاتّهامات والأباطيل متعدّدة، فهل من الجائز لكم شرعاً وعقلاً اتّهام فرقةٍ من المسلمين والإفتراء عليها. فأقول: نحنُ لم نتَّهم أحدًا بشيءٍ وإنَّما هي رسالة قصدنا منها السؤال والاستفسار وليس الاتّهام وهذا ما أوضحناه في أوّل الرسالة، ولكنك – حفظك الله – لم تُجب على شيءٍ مما ورد فيها بحُجّة أنَّ الوقت ثمين … 5- وأمّا قولك: لا ـ وحياتك ـ لم يبق شيء لم أجب عنه. فهذا أمرٌ غريب! ألست أنت القائل: ولولا أنّ الوقت ثمين ـ كما ذكرتكم ـ لأجبتكم كلمةً كلمةً، ولكنّ الحكم الله وهو نعم الوكيل. إذن أنت لم تُجب، فما لك نسبتني إلى ما أنت واقع فيه من التناقض؟! 6- وأمّا قولك: أنّ الله لعن الظالمين في القرآن الكريم وأوعدهم بالجحيم والعذاب الأليم … فما أنت وذاك؟! واللعن في القرآن – في معظمه – إنّما هو إخبار عمّا وقع على الظالمين والكفار من العذاب ودخول النار، فهو لعنٌ تكْوينيّ أخبر الله به عباده للذكرى وعِبْرَةً ِلأَوْلِي الأَبْصَارِ، ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِي. وليس في القرآن أمرٌ بأن يلعن أحدٌ أحدًا. 7- وأمّا قولك أنّي أنهى عن العمل بالقرآن واتّباع السنّة النبوية والأخذ بالشريعة الغرّاء … فهذا افتراء آخر – أستغفر الله لك منه وأسأله التوبة – وهل الاختلاف في وجهات النظر عندكم يؤدّي بالمختلفين إلى هذه الاتّهامات؟ وهل من الجائز لكم شرعاً وعقلاً اتّهامنا بذلك؟ 8- ولا ينقضي عجبي منك ومن كلامك – عفا الله عنك – وقد نسبتني إلى الإسماعيليين ولا شأنَ لي بهم، ولا حولَ ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم.

بسمه تعالى وله الحمد
السّلام عليكم، لا يخفى أنّ كتبكم السّابقة موجودة عندنا وأجوبتنا موجودة عندكم، فالحمد لله على أن كتب لنا التوفيق لتوضيح الأمر في خروج سيدنا أبي عبدالله عليه السلام من الحجاز نحو العراق وأنه لم يكن محارباً وأنه خرج خوفاً من بني اُميّة وأنه قتل مظلوماً بأمرٍ من يزيد على يد بني اُميّة لعنهم الله، وأنه لا اشكال في زيارة عاشوراء لأنها براءة من الظالمين وهي واجبة بالكتاب والسنّة والإجماع والعقل، وأنّ المهدي هو المنتقم ونحن بانتظار ذلك اليوم كما جعل الله ذلك له، فليس من شعارات الجاهليّة، وليس طلبه للثأر محرَّماً بل هو عملٌ بالتكليف الإلهي، وبراءتنا من الظالمين فيها أجر وثواب، فكيف والمظلومون أهل بيت رسول الله، لأن الظلم عليهم ظلمٌ على رسول الله وإيذاءٌ له والله تعالى يقول: (إنّ الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة) سورة الأحزاب 57، ورسول الله يقول لأهل بيته «حربكم حربي». وهذا حكم كلّ الذين ظلموا أهل البيت من بني اُميّة وقبلهم وبعدهم إلى قيام السّاعة لا يتغيّر أبداً.
أوضحنا كلّ هذا وقد وافقتم عليه والحمد لله، ولا حاجة إلى التشنّج والإنزعاج ولا نريد المقاطعة، بل نرحّب بطرح مسائل اُخرى مفيدة والحوار حولها بهدوءٍ، فإنّ التعايش السّلمي بين المسلمين أمرٌ نَدَب إليه الشّرع وأمرنا بذلك أئمّتنا كما أمر به الرّسول الأكرم، ولذا ترى الشّيعة يحضرون مجالس سائر الفرق ويصلّون في مساجدهم ويسلّمون عليهم ويعاشرونهم معاشرة طيّبة وبأخلاقٍ حسنة. لكنّ مجال البحث وعالم المحاورة يقتضي الإفصاح عن الحقائق، فإنّا إذا سُئلنا عن شيء لا يسعنا أنْ نسكت عن الحق لأنّ الساكت عن الحق شيطانٌ أخرس ولا يسعنا أنْ نقبل الباطل فإن الله لا يرضى بذلك أيضاً فقال عزّ وجلّ: (إنّ الذين يكتمون…) سورة البقرة 159، وقال: (أفبالباطل يؤمنون…) سورة العنكبوت 67.
وبعد، فإني أرجو لنفسي ولكم ولسائر المسلمين التوفيق اللازم للوصول إلى الحقائق والعمل بالوظيفة الإلهية والنجاة يوم يقوم الحساب والحشر مع محمد وأهل بيته الطّاهرين المعصومين في جنّات النعيم وآخر دعوانا أن الحمد رب العالمين.
* الشجرة الملعونة في القرآن هم بنو اُميّة ونحن نعمل بالقرآن ونتّبعه فنلعنهم، فلا تقل لم يأمر بلعن أحدٍ.
8427
تم طرحه بواسطة: mohammed ali mohamme

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *