سلام عليكم … سامحك الله يا سماحة السيّد؛ لقد جعلتني الْمَسئولَ بعد أن كنتُ السائل … أما سبب ردّ زيارة عاشوراء فلأنها تُسبّب الفتنة وتفرّق بين الأمّة وتشعل البغضاء وتميت المحبة ولا فائدة تُرجى منها لا للشيعة ولا للمسلمين. إنَّ أسلوبَ لعن الآخرين لهو أسلوبٌ مُنفِّر يُثير الأحقاد ويبعث على العداوة ويُرغّب الآخرين في الانتقام وهذا في حدِّ ذاته دليلٌ كافٍ في نفي هذا الأسلوب عن منهج أهل البيت (عَلَيْهِم السَّلامُ). نعم الظلم حرامٌ شرعًا وقبيحٌ عقلا ولا نُنكرُ ما وقع على أهل البيت (عَلَيْهِم السَّلامُ) من ظُلم ولكنَّ هذا لا يُبرّر إساءة القول ولا اتّباع ما يثير الفتن والأحقاد والرغبة في الانتقام بين المسلمين. ولكنني أقول: إنَّ أهل البيت الطيّبين الطاهرين (عَلَيْهِم السَّلامُ) مهما وقع عليهم من ظُلم لم يكونوا ليرضوا أن تُسْتَغَلَّ ظُلامتهم لإشعال نيران الفِتن بين المسلمين وإيقاع العداوة والبغضاء والفرقة بينهم أو إشغالهم بما يضرّهم ولا ينفعهم، وما كان أهل البيت (عَلَيْهِم السَّلامُ) ليرضوا أنْ تُتَّخذَ ظُلامتهم سُلَّمًا للتفريق بين الأمّة وجعلها طوائفَ وأحزابًا تتبادلُ السّباب والشتائم، بل كانت سيرتهم (عَلَيْهِم السَّلامُ) العفو والتسامح وإيثار المصلحة العامة على المصلحة الخاصة كما قال عليٌّ (عَلَيْهِ السَّلامُ): فواللـه لأُسالمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن جَورٌ إلاّ عليَّ خاصة، الْتماسًا لأجر ذلك … أمّا تكليفكم تجاه من ظَلَمَ ومات قبل قرونٍ مئات فلا شيءَ يُوجِبه العقل والشرع إلا الاعتبار بما جاء في الآثار وقد قال تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. وليس من تكليفكم لعنهم ولا سبّهم وشتمهم ولا إظهار العداوة لهم والبراءة منهم ومن أتباعهم إلى اليوم. كما تقرؤون في زيارة عاشوراء: بَرِئْتُ اِلَى اللهِ وَاِلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَمِنْ اَشْياعِهِمْ وَأَتْباعِهِمْ وَأَوْلِيائِهِم … إنَّ معاوية وبني اُميّة وأتباعهم ظلموا أهل البيت (عَلَيْهِم السَّلامُ) وربما يوجد الآن من أتباع بني اُميّة من يسبّ عليّاً (عَلَيْهِ السَّلامُ)، ولكنَّ هذا لا يبرر مُقابلة الإسَاءة بالإسَاءَة والسبَّ بالسَّب وهو خلافُ ما أمر به أهل البيت (عَلَيْهِم السَّلامُ) من خُلُقٍ رَفِيْعٍ فأيْنَ الإحسان إلى المسيء؟ وأين قوله تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ). وأين قوله (عَلَيْهِ السَّلامُ): (من كمال الإيمان مكافأة الْمُسيء بالإحسان). وكيف حلَّ اللعنُ عندكم محلَّ الإحسان؟ على أنك – حفظك الله – لم تُجِبْ على شيءٍ من الإشكالات المطروحة في السّؤال بل رُحْتَ تُبرّر لنفسك انتهاج أسلوب اللعن بمبررات واهية لم تكن مقبولة في ميزان العقل والشرع.

بسمه تعالى شأنه
السلام عليكم
لا ـ وحياتك ـ لم يبق شيء لم أجب عنه. ولقد أحسنت إذ اعترفت بأمرين أحدهما أنّ الظلم قبيح عقلاً وحرام شرعاً. والآخر: أنّ أهل البيت عليهم السلام ظُلموا، لكنك ناقضت نفسك بالمنع من البراءة من الظلم والظّالمين، والتناقض من المتكلّم الفاهم قبيح!!
يبقى مطلبان: الأوّل: أن التبرّي من الظالمين يسبّب التفرقة [وتعبيرك بـ«لا للشيعة ولا للمسلمين» ارتكابٌ لقبحٍ آخر. فانتبه رجاءً] والثاني: أنّ من شِيمة أهل البيت العفو عن المسيئين. فأقول:
إنّ الله سبحانه وتعالى أولى بالدّعوة إلى وحدة المسلمين وعدم التفرّق، وهو أولى بالعفو والمغفرة، وهذا ما لا يختلف فيه المسلمون، فلما أمر بالبراءة من الظالمين؟ ولماذا لعن الظالمين؟ ولماذ أوعدهم بالجحيم والعذاب الأليم؟ لا في آية أو آيتين من القرآن، بل في آياتٍ كثيرة. وهل أنت بحاجةٍ إلى أن أذكر نصوص الآيات؟ ولماذا فرض القصاص، وجعله حياةً، يا اُولي الألباب؟!
نحن نريد العمل بالقرآن واتّباع السنّة النبوية والأخذ بالشريعة الغرّاء، وأنت تنهى عن ذلك؟ وهذا النهي منك ظلمٌ وهو قبيحٌ آخر، لأن الله تعالى يقول: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فاُولئك هم الظّالمون).
والخلاصة: إنّ كلّ ما ذكرته منذ اليوم الأول في الدفاع عن الظالمين لأهل البيت الطّاهرين مردودٌ بالكتاب والسّنة والعقل، فإنْ كان عندك شيء جديد يؤيّده الدين والعقل والقانون والعرف العام والسّيرة العقلائيّة فأْت به أوْ دع. وبالله التوفيق.
8412
تم طرحه بواسطة: mohammed ali mohamme

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *