علي باب حطّة من خرج منه كان كافراً

علي باب حطّة من خرج منه كان كافراً
وفي الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: «علي باب حطّة، من دخل منه كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً» أخرجه الدارقطني عن ابن عبّاس، وعنه ابن حجر المكّي في (الصواعق) والسيوطي في (الجامع الصغير)(1).
وكذا أخرجه الديلمي عن ابن عمر(2).
كتم كلام حذيفة في أبي موسى
ثمّ إنّ عبدالبر كره أنْ يذكر كلام حذيفة بن اليمان في أبي موسى الأشعري، تستّراً عليه، إلاّ أنّ ما صرَّح به من كونه «منحرفاً عن علي» وأنّه «لم يزل واجداً» على الإمام عليه السلام يكفي للتوصّل إلى كلام حذيفة، فإنّ الباحث اللبيب والمحقّق الخبير يفهم ـ من تلك القرائن، وبالنظر إلى كون حذيفة عارفاً بالمنافقين، وأنّ كلامه مقبولٌ في التعريف بهم ـ أنّ كلام حذيفة ليس إلاّ الإعلان عن كون أبي موسى من المنافقين… وهذا ما كره ابن عبدالبر التصريح به مخالفةً منه لقوله تعالى: (ولا تلبسوا الحقّ بالباطل وتكتموا الحقّ وأنتم تعلمون).
مع أنّ كتابه (الإستيعاب) مشتمل على فضائح كثير من الأصحاب، وتكلّم بعضهم في البعض الآخر، والإفصاح عن مثالبه:
كروايته خطبة عبدالله بن بديل في ذمّ معاوية وهجوه وتضليله…(3)
وكروايته خطبة أميرالمؤمنين عليه السلام، وفيها التصريح بأنّ عائشة وطلحة والزبير هم الذين ألّبوا على عثمان وقتلوه…(4)
وكروايته أنّ معاوية هو الذي دسّ السمّ إلى الإمام الحسن السبط عليه السلام(5).
وكروايته قتل معاوية حجر بن عدي…(6)
إلى غير ذلك من مخازي الصحابة التي تظهر لمن تتبّع كتاب (الاستيعاب).
وإذا كان ابن عبدالبر يروي تلك الأخبار ويكره رواية كلام حذيفة في أبي موسى الأشعري … فلابدّ وأنْ يكون كلامه فيه أعظم من تلك الكلمات، التي رواها بتراجم الصحابة عن بعضهم في البعض الآخر…
هذا كلّه، وقد اشتهر الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في كتب الفريقين في أنّ بغض علي نفاق، وعن غير واحد من صحابته: «ما كنّا نعرف المنافقين إلاّ ببغضهم عليّ بن أبي طالب» وقد رواه ابن عبدالبر أيضاً بترجمة الإمام عليه السلام… وبعد ثبوت انحراف أبي موسى عنه وبغضه له، لم يبق أي ريب وشك في كون أبي موسى من المنافقين… ولا تبقى حاجة إلى ذكر الشواهد على ذلك من كتب الحديث والتاريخ.
وإذا كان ابن عبد البر يكره رواية الخبر، فقد رواه غير واحد من الأعلام، منهم ابن عساكر في (تاريخه)(7) بإسناده عن الأعمش عن شقيق قال: «كنا مع حذيفة جلوساً، فدخل عبدالله وأبو موسى المسجد، فقال: أحدهما منافق. ثم قال: إن أشبه الناس هدياً ودلاًّ وسمتاً برسول الله صلّى الله عليه وسلّم عبدالله».

(1) الصواعق المحرقة 2: 365 ـ 366، الجامع الصغير 2: 177/5592.
(2) فردوس الأخبار 3: 90/3998.
(3) الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3: 873/1481.
(4) الاستيعاب في معرفة الأصحاب ـ ترجمة طلحة ـ 2: 767/1280.
(5) الاستيعاب في معرفة الأصحاب 1: 389/555.
(6) الاستيعاب في معرفة الأصحاب 1: 329/487.
(7) تاريخ دمشق 32: 93 ترجمة عبدالله بن قيس وهو أبو موسى الأشعري .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *