توصيفه بالجور في الحكم

توصيفه بالجور في الحكم
وعن عمر بن الخطّاب ـ وهو خليفتهم الثاني، المدّعى له العصمة كما نقل الشيخ عبدالعلي الأنصاري في (شرح المثنوي) عن بعضهم ـ أنّه وصف زيد بن ثابت بالجور في الحكم، في خصومة كانت بينه وبين اُبي بن كعب فتحاكما إليه:
«عن الشعبي قال: كان بين عمر وبين اُبي بن كعب خصومة، فقال عمر: إجعل بيني وبينك رجلاً، فجعلا بينهما زيد بن ثابت، فأتياه، فقال عمر: أتيناك لتحكم بيننا، وفي بيته يؤتى الحكم.
فلمّا دخلا عليه وسّع له زيد عن صدر فراشه، فقال: هاهنا يا أميرالمؤمنين، فقال له عمر: هذا أوّل جور جُرتَ في حكمك، ولكنْ أجلس مع خصمي، فجلسا بين يديه، فادّعى اُبي وأنكر عمر، فقال زيد لاُبي: اُعف أميرالمؤمنين من اليمين، وما كنت لأسألها لأحد غيره، فحلف عمر، ثمّ أقسم لا يدرك زيد القضاء حتّى يكون عمر ورجل من عرض المسلمين عنده سواء. هق كر»(1) أي رواه سعيد بن منصور في سننه، والبيهقي في سننه، وابن عساكر في تاريخه.
«عن الشعبي قال: تنازع في جداد نخل اُبي بن كعب وعمر بن الخطّاب، فبكى اُبي ثمّ قال: أفي سلطانك يا عمر؟! فقال عمر: إجعل بيني وبينك رجلاً من المسلمين، قال اُبي: زيد، قال: رضيت.
فانطلقا حتّى دخلا على زيد، فلمّا رأى زيد عمر تنحّى عن فراشه، فقال عمر: في بيته يؤتى الحكم. فعرف زيد أنّهما جاءا ليتحاكما إليه، فقال لاُبي: تقصُّ، فقصّ، فقال له عمر: تذكّر لعلّك نسيت شيئاً، فتذكّر ثمّ قصّ، حتّى قال: ما أذكر شيئاً. فقصّ عمر، قال زيد: بيّنتك يا اُبي، فقال: مالي بيّنة، قال: فاعف جعنج أميرالمؤمنين من اليمين، فقال عمر: لا تعف أميرالمؤمنين عن اليمين إنْ رأيتها عليه. كر»(2).

أقول:
لم يشأ الرواة أن ينقلوا الواقعة على ما وقعت عليه كاملةً، وحاولوا التكتّم على بعض جزئيّاتها المهمّة.. لكنّ الباحث المحقّق قد يعثر على طرف من ذلك في سائر الكتب:
قال الراغب في (المحاضرات):
«وكان زيد بن ثابت يقضي لعمر بالمدينة، وتقدَّم إليه عمر مع اُبي في جداد تنازعاه، فخرج إليهما فقال: السلام عليك يا أميرالمؤمنين، هاهنا هاهنا. ثمّ توجّهت اليمين على عمر، فقال زيد لاُبي: اُعف أميرالمؤمنين من اليمين.
فقال له عمر: ما زلت جائراً منذ اليوم! السلام عليك يا أميرالمؤمنين، وهاهنا هاهنا، واعف أميرالمؤمنين!!»(3).
ففي هذه الرواية: «فقال عمر: ما زلت جائراً منذ اليوم»، وهذه الجملة ممّا تكتَّم عليه القوم…

(1) كنز العمّال 5: 808/14445.
(2) كنز العمّال 5: 839/14525.
(3) المحاضرات للراغب الأصفهاني 1: 194. وجِدادُ النَّخْل: صِرامُه، وقد جَدَّه يَجُدُّه. كتاب العين 6: 10 (جد).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *