تفصيل الميرزا

تفصيل الميرزا
وذهب الميرزا إلى التفصيل بين موارد الإمتثال الإجمالي . وحاصل كلامه(1) :
أمّا في الشبهة الموضوعيّة ، فلا كلام في كفاية الامتثال الإجمالي وجواز الإحتياط ، ولا حاجة إلى الإتيان بالعمل عن اجتهاد أو تقليد .
وفي الشبهة الحكميّة بعد الفحص أيضاً ، لا ريب في حسن الاحتياط .
إنما الكلام في الشبهة الحكميّة قبل الفحص ، حيث أنّ التكليف منجّز ، فهل يكفي الامتثال الإجمالي أوْلا ؟
وكذلك في مورد دوران الأمر بين المتباينين ، حيث أن التكليف منجّز بالعلم الإجمالي ، كدوران الأمر بين الظهر والجمعة ، فهل يجب تحصيل العلم التفصيلي أو يكفي الإمتثال الإجمالي ؟
ولو دار الأمر بين الأقلّ والأكثر ، كما في السّورة في الصلاة هل هي واجبة أو مستحبّة ، جاز الامتثال الإجمالي ، ومثله الشك في وجوب جلسة الإستراحة وعدم وجوبها .
وقد يدور الأمر بين الأقل والأكثر إلاّ أن مورد الشك مردّد بين المتباينين ، كما لو شك في حكم القراءة في صلاة الجمعة أنّها عن جهر أو إخفات ، فبين الجهر والإخفات تباين … وقد ذهب فيه إلى إمكان الامتثال الإجمالي .
ولما ذهب إليه الميرزا من التفصيل مقدّمات :
الاولى : إن الحاكم في باب الإطاعة والعصيان هو العقل ، والأوامر الشرعيّة في هذا الباب كلّها إرشاد إلى حكم العقل ، وإنْ كان للشارع أن يعتبر خصوصيّة أو يشترط شرطاً مثلاً في حال قدرته على ذلك … وإذا كان الحاكم هو العقل ، فمن أمكنه الإطاعة عن اجتهاد أو تقليد ، فلا يكفي الاحتياط … إلاّ إذا أذن المولى بذلك ، وإلاّ فمقتضى قاعدة الاشتغال عدم براءة الذمّة .
الثانية : إن العقل يرى للامتثال مراتب .
فالاولى : الامتثال التفصيلي ، وهو الامتثال عن حجة ، سواء كان هو العلم أو الظن خاصّ أو الظن المطلق عند تماميّة مقدمات الإنسداد .
والثانية : الإطاعة الإجماليّة ، فإنها مقدّمة على الظنيّة ، لأنه بعد الفراغ يعلم بحصول الامتثال للأمر وإنْ جاهلاً بالخصوصيّة ، كما لو صلّى الظهر والجمعة كلتيهما .
والثالثة : الإمتثال الظني .
والرابعة : الإمتثال الاحتمالي .
الثالثة : إنه لا ريب في تقدّم الظني على الاحتمالي . قال : والامتثال التفصيلي مقدّم على الإجمالي ، لأنه يكون منبعثاً عن أمر المولى وبعثه ، والعقل حاكم بضرورة تحرّك العبد بأمر مولاه ، مع التمكّن من ذلك ، فإن الإطاعة الإجماليّة ليست إطاعةً لأمر المولى ، ولو شكّ في كفاية الإمتثال الإجمالي عن التفصيلي ، فإن مقتضى الأصل هو التعيين .

(1) أجود التقريرات 3 / 75 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *