الدّليل الأوّل : العقل

الدّليل الأوّل : العقل
إنّ كثرة وقوع الغلط والإشتباه في المقدّمات العقليّة أمرٌ لا ينكر ، وقد ذكر الأمين الإسترابادي أنه لا يوجد عندنا ميزان لتشخيص موادّ القضايا ، وعليه ، فلا يمكن الاعتماد على تلك المقدّمات في استنباط الأحكام الشرعيّة .
الجواب
وفيه:
أوّلاً : إن هذا الدليل مركّب من امور :
أحدها : كثرة الخطأ . وهذا أمر حسّي ، ولا كلام فيه .
والثاني : إنه لا ميزان للتشخيص بالنسبة إلى المواد . وهذا أيضاً أمر حسّي أو قريب من الحسّ . ولا كلام فيه .
والثالث : إنه كلّ ما كثر فيه الخطأ سقط عن الدليليّة . وهذه كبرى عقليّة ، وهي من المسائل التي لا تقبل النيل ، لكثرة الخطأ فيها ، كما ذكر الأمين .
وبعبارة اخرى : كلّ ما يحتاج إلى الموادّ في مقام التحقّق الخارجي والتحقّق الذهني ، فهو خارج من مسائل الطبيعيّات والرياضيّات وداخل في الإلهيّات ، و« الدليليّة » من هذا القبيل ، وهي من موادّ القضايا ، وقد ذكر الأمين أنه لا ميزان للتشخيص فيها .
وثانياً : إن السبب لكلّ خطأ يقع في الأدلّة العقليّة هو عدم درك الارتباط بين مقدمة الدليل ونتيجته ، إذ ليس كلّ نتيجة تحصل من كلّ مقدّمة ، بل لابدّ من تشخيص الارتباط بينهما ، فعدم التشخيص هو سبب الخطأ ، وإذا حصل التشخيص زال .
وثالثاً : إنه لا ميزان لتشخيص الموادّ وتمييز اليقينيّات عن الظنيّات إلاّ الوجدان ، لأنّ اليقين والظن أمران وجدانيّان ، وعليه ، فإنّ الخطأ يرتفع بالتضلّع في الامور والتأمّل فيها ، وهذا ضروري في جميع العلوم التجربيّة ، فلولا التضلّع في معرفة المواد والقدرة على التطبيق الصحيح ، لما حصل التوصّل إلى نتيجة في مسألة من المسائل ، ولو تمّ كلام الأمين للزم انسداد باب جميع تلك العلوم .
ورابعاً : إن كثرة الخطأ في المقدّمات العقليّة لو سلّم بها ، ليست بأكثر منه في المقدّمات الشرعيّة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *