4 ـ المجيء للإحراق

4 ـ المجيء للإحراق:
وهذه عبارة أخرى: إنّ عمر جاء إلى بيت علي ليحرّقه أو

ليحْرقه.
وبهذه العبارة تجدون الخبر في كتاب [روضة المناظر في أخبار

الأوائل والأواخر] لابن الشحنة المؤرخ المتوفى سنة 882 ،

وكتابه مطبوع على هامش بعض طبعات الكامل لابن الأثير ـ

وهو تاريخ معتبر ـ يقول: «إنّ عمر جاء إلى بيت علي ليحرّقه

على من فيه، فلقيته فاطمة فقال: أُدخلوا فيما دخلت فيه

الأمّة».
هذا، وفي كتاب لصاحب الغارات إبراهيم بن محمد الثقفي،

في [أخبار السقيفة]، يروي عن أحمد بن عمرو البجلي، عن

أحمد بن حبيب العامري، عن حمران بن أعين، عن أبي عبد

اللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: «واللّه ما بايع

علي حتّى رأى الدخان قد دخل بيته».
كتاب السقيفة لهذا المحدّث الكبير لم يصلنا، ولكن نقل هذا

المقطع عن كتابه المذكور: الشريف المرتضى في كتاب [

الشافي في الإمامة].
وعندما نراجع ترجمة هذا الشخص ـ إبراهيم بن محمّد الثقفي

المتوفى سنة 280 أو 283 نرى من مؤلّفاته كتاب السقيفة

وكتاب المثالب، ولم يصلنا هذان الكتابان، وقد ترجم له علماء

السنّة ولم يجرحوه بجرح أبداً، غاية ما هناك قالوا: رافضي.
نعم هو رافضي، ألّف كتاب السقيفة وألّف كتاب المثالب، ونقل

مثل هذه الأخبار، روى مسنداً عن الصادق أبي جعفر بن

محمّد: واللّه ما بايع علي حتّى رأى الدخان قد دخل بيته.
وممّا يدلّ على صحّة روايات هذا الشخص ـ إبراهيم بن محمد

الثقفي ـ ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني قال: لمّا صنّف

كتاب المناقب والمثالب أشار عليه أهل الكوفة أن يخفيه ولا

يظهره، فقال: أيّ البلاد أبعد عن التشيّع؟ فقالوا له: إصفهان ـ

إصفهان ذاك الوقت ـ، فحلف أنْ يخفيه ولا يحدّث به إلاّ في

إصفهان ثقةً منه بصحة ما أخرجه فيه، فتحوّل إلى الإصفهان

وحدّث به فيها(1).
وذكره أبو نعيم الاصبهاني في [أخبار إصبهان].
في هذه الرواية: «وااللّه ما بايع علي حتّى رأى الدخان قد

دخل بيته»، وأولئك كانوا يتجنبون التصريح بهذه الكلمة، صرّحوا

«بالحطب» صرّحوا «بالنار» صرّحوا «بالقبس» صرّحوا «

بالفتيلة» صرّحوا بكذا وكذا، إلاّ أنّهم يتجنّبون التصريح بكلمة

إنّه وضع النار على الحطب، وتريدون أنْ يصرّحوا بهذه الكلمة؟

أما كانوا عقلاء؟ أما كانوا يريدون أنْ يبقوا أحياء؟ إنّ ظروفهم

ما كانت تسمح لهم لأنْ يرووا أكثر من هذا، ومن جهة أخرى،

كانوا يعلمون بأنّ القرّاء لكتبهم والذين تبلغهم رواياتهم سوف

يفهمون من هذا الذي يقولون أكثر ممّا يقولون، ويستشمّون

من هذا الذي يذكرون الأُمور الأخرى التي لا يذكرون، أتريدون

أنْ يقولوا بأنّ ذلك وقع بالفعل ويصرّحوا به تمام التصريح، حتّى

إذا لم تجدوا التصريح الصريح والتنصيص الكامل تشكّون أو

تشكّكون، أنّ هذا واللّه لعجيب!

(1) لسان الميزان 1 / 102.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *