مع ابن تيمية في آية المباهلة

مع ابن تيمية في آية المباهلة
يعترف ابن تيمية بعدم خروج أحد مع رسول اللّه غير علي والزهراء والحسنين، واعتراف ابن تيميّة في هذه الأيام وفي أوساطنا العلميّة وفي بحوثنا المقارنة ذو أثر كبير، لأنّ كثيراً من الخصوم يرون ابن تيميّة «شيخ الإسلام»، إلاّ أنّ بعض كبارهم قال: من قال بأنّ ابن تيميّة شيخ الإسلام فهو كافر(1)!!
المهم، إنّ ابن تيميّة أيضاً يعترف بعدم خروج أحد مع رسول اللّه في قضية المباهلة غير هؤلاء الأربعة، وراجعوا كتابه ]منهاج السنّة[.
ولو أنّ مدّعياً يدّعي أو متعصّباً أو جاهلاً يقول كما قال ابن تيميّة في ]منهاج السنّة[(2): بأنّ عادة العرب في المباهلة أنّهم كانوا يخرجون أقرب الناس إليهم نسباً وإنْ لم يكن ذا فضيلة، وإن لم يكن ذا تقوى، وإنْ لم يكن ذا منزلة خاصة أو مرتبة عند اللّه سبحانه وتعالى، يقول هكذا.
لكنّه يعترض على نفسه ويقول: إنْ كان كذلك، فلِمَ لم يخرج العباس عمّه معه؟ والعباس في كلمات بعضهم ـ ولربّما نتعرّض لبعض تلك الكلمات في حديث الغدير ـ أقرب إلى رسول اللّه من علي، فحينئذ لِمَ لمْ يخرج معه؟
يقول في الجواب: صحيحٌ، لكن لم يكن للعباس تلك الصلاحية والقابليّة واللياقة لأن يحضر مثل هذه القضية، فلذا يكون لعلي في هذه القضية نوع فضيلة هذا بتعبيري أنا، لكن راجعوا نصّ عبارته فالنقل كان بالمعنى.
فهو بهذا المقدار يعترف، ونغتنم من مثل ابن تيميّة أن يعترف بفضيلة لعلي في هذه القضيّة.
ولو أنّك راجعت الفضل ابن روزبهان الخنجي، ذلك الذي ردّ بزعمه على كتاب العلاّ مة الحلّي رحمه اللّه بكتاب أسماه ]إبطال الباطل[، لرأيته في هذا الموضع أيضاً يعترف بثبوت فضيلة لعلي لايشاركها فيها أحد(3).
نعم، يقول ابن تيميّة: لم تكن الفضيلة هذه لعلي فقط، وإنّما كانت لفاطمة والحسنين أيضاً، إذن، لم تختصّ هذه الفضيلة بعلي.
وهذا كلام مضحك جدّاً، وهل الحسنان وفاطمة يدّعون التقدّم على علي؟ وهل كان البحث في تفضيل علي على فاطمة والحسنين، أو كان البحث في تفضيل علي على أبي بكر؟ أو كان البحث في قبح تقدم المفضول على الفاضل بحكم العقل؟
والعجب أنّ ابن تيميّة يعترف في أ كثر من موضع من كتابه ]منهاج السنّة[(4)بقبح تقدّم المفضول على الفاضل، يعترف بهذا المعنى ويلتزم، ولذلك يناقش في فضائل أمير المؤمنين لئلاّ تثبت أفضليّته من الآخرين.
ثمّ مضافاً إلى كلّ هذا، ترون في قضيّة المباهلة أنّ رسول اللّه يقول لعلي وفاطمة والحسنين: «إذا أنا دعوت فأمّنوا»(5)، أي فقولوا آمين، وأيّ تأثير لقول هؤلاء للّه سبحانه وتعالى ـ بعد دعاء رسول اللّه على النصارى ـ أن يقولوا آمين، أيّ تأثير لقول هؤلاء؟ ألم يكف دعاء رسول اللّه على النصارى حتّى يقول رسول اللّه لفاطمة والحسنين وهما صغيران أن يقول لهم قولوا آمين؟

(1) هو العلاء البخاري، أنظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون 1 / 220 و838.
(2) منهاج السنّة النبويّة 7 / 122 ـ 130.
(3) أنظر: إحقاق الحق 3 / 62.
(4) منهاج السنة 6 / 475 و 7 / 95.
(5) تفسير الزمخشري 1 / 434، الخازن 1 / 254، وغيرهما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *