في حديث: عثمان أخي…

قال: «وتشرّفه بقوله عليه السلام: عثمان أخي ورفيقي في الجنّة…».
أقول:
وهذا الحديث نظير ما وضعوه وافتروه في حق اللذين من قبله… فقد أخرجه ابن ماجة عن: أبي مروان محمّد بن عثمان الأموي العثماني، عن أبيه عثمان ابن خالد حفيد عثمان بن عفان، عن عبدالرحمن بن أبي الزناد عن أبيه ـ وهو مولى لعائشة بنت عثمان ـ عن الأعرج، عن أبي هريرة: إن رسول اللّه قال: لكلّ نبي رفيق في الجنة ورفيقي فيها عثمان بن عفان(1).
فهو حديث لآل عثمان… عن أبي هريرة؟!
وقد قال شارحه السندي: «إسناده ضعيف. فيه: عثمان بن خالد، وهو ضعيف باتّفاقهم»(2).
مضافاً إلى أن أبا مروان مقدوح، وقال بعض أئمّة القوم: يروي عن أبيه المناكير(3). وهذا منها… .
وأبوه عثمان بن خالد:
قال البخاري: عنده مناكير. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال العقيلي: الغالب على حديثه الوهم. وقال أبو أحمد: منكر الحديث. وقال ابن عدي: أحاديثه كلّها غير محفوظة. وقال السّاجي: عنده مناكير غير معروفة. وقال الحاكم وأبو نعيم: حدّث عن مالك وغيره بأحاديث موضوعة… إلى غير ذلك من الكلمات(4).
فهو ضعيف باتفاقهم كما ذكر شارح ابن ماجة، بل قال ابن الجوزي: نسب إلى الوضع(5).
وعبدالرحمن بن أبي الزنّاد:
قال ابن معين: ليس ممّن يحتجّ به أصحاب الحديث، ليس بشيء. وقال ابن صالح وغيره عن ابن معين: ضعيف: وقال الدورى عن ابن معين: لا يحتج بحديثه. وقال صالح بن أحمد عن أبيه: مضطرب الحديث. وعن ابن المديني: كان عند أصحابنا ضعيفاً. وقال النسائي: لا يحتج بحديثه. وقال ابن سعد: كان كثير الحديث وكان يضعّف لروايته عن أبيه(6).
وأمّا الحديث الآخر في حياء عثمان، فهو من جملة عدّة أحاديث موضوعة في هذا الباب، يكفي متنها دليلاً على وضعها، فلا حاجة إلى النظر في أسانيدها… .
على أن هذا الحديث بالخصوص يشتمل على إهانة كبيرة للنبي الأقدس صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، حيث نسب واضعه إليه الكشف عن أفخاذه بحضور أصحابه… فهو أراد صنع فضيلة لعثمان ـ وهي الحياء ـ ونسب إلى الرّسول عدم الحياء! مع كونه كما وصفه أبو سعيد الخدري «أشدّ حياء من العذراء في خدرها»(7)، لا سيّما وأن جمهور فقهائهم على أن الفخذ عورة… .
وأيضاً: يدلّ الحديث على أفضليّة عثمان من أبي بكر وعمر، فإنهما قد دخلا على النبي في تلك الحال فلم يغطّ فخذيه، فلمّا دخل عثمان سترهما وقال هذه الكلمة؟!

(1) سنن ابن ماجة 1 / 40.
(2) سنن ابن ماجة 1 / 40.
(3) تهذيب التهذيب 9 / 336.
(4) تهذيب التهذيب 7 / 114.
(5) العلل المتناهية 1 / 206.
(6) تهذيب التهذيب 6 / 171.
(7) تجده في البخاري في باب صفة النبي، وفي غيره من الصحاح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *